Thursday, November 18, 2010

المؤتمر الأول لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب
أشاون، أيام: 10-11-12 ديسمبر

من أجل مقاربة حقوقية نوعية للانتهاكات الجسيمة بالريف الكبير

I- مقدمة

تعتبر ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف الكبير إحدى القضايا الرئيسية المؤسسة لقيام إطار حقوقي جهوي شمالي يحمل اسم منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب.
إن الاشتغال على هذه الملفات التي يدرجها المنتدى ضمن أولويات انشغالاته يتطلب معرفة حقوقية شاملة تنهل من مختلف العهود الدولية لحقوق الإنسان و البروتوكولات الملحقة بها و القانون الدولي الإنساني،إضافة إلى قراءة موضوعية في تاريخ مختلف هذه
 الأحداث و الأوضاع الاجتماعية و السياسية التي أنتجتها.
كما سنعمل من خلال هذه المقاربة إلى التعاطي مع مختلف هذه القضايا سواء المتعلقة و المرتبطة منها بمرحلة الاستعمار الاسباني للمنطقة الشمالية،كاستعمال الغازات السامة في العشرينات من القرن الماضي و التجنيد القصري للأهالي و كذا تجنيد الأطفال القاصرين وإشراكهم في حرب لا تعنيهم و ما خلفته هده المرحلة الاستعمارية. من دمار شامل بالجهة . آو المرتبطة منها بالدولة المغربية والمليشيات الحزبية، عبر مراحل متعددة من تاريخ المغرب الحديث مع إعادة كتابة تاريخها و إجلاء الحقيقة عنها.و دلك باعتماد منهجية تروم إلى استحضار ما توفرمن حقائق تاريخية بشأن هده الانتهاكات، و مدى تطابقها مع التعاريف الحقوقية الدولية، و تقييم تجربة معالجة البعض منها، والمساهمة في سبل معالجتها وفق رؤية شمولية قوامها المرجعية الدولية لحقوق الإنسان.

II المدخل الحقوقي:

الباب الأول:- في الوصف و التصنيف.

إن الحديث عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف الكبير أو شمال المغرب، يقتضي منا بالضرورة تعريف و تصنيف هذه الانتهاكات حتى نتيقن على مدى استو فائها للمعايير الحقوقية الدولية ذات الصلة.

أ- علاقة بمرحلة الاستعمار الاسباني للريف الكبير.

1-استعمال الغازات السامة من طرف الدولة الاسبانية / سلاح يصنف ضمن أسلحة الدمار الشامل، و محرم استعماله دوليا بموجب الاتفاقيات الدولية/قينيا1918 و جنيف 1925.سلاح تم استعماله ضد التجمعات المدنية (الأسواق،المد اشر....) و مصادر المياه و الغطاء النباتي لمدة سبع سنوات متتالية (ضحايا بعشرات الآلاف) وما خلفه هدا الاستعمال من أضرار صحية و اقتصادية و بيئية لازالت تأثيراتها مستمرة إلى الآن ( النسبة العالية من أمراض السرطان بالجهة ....).
المرجع الأساسي ؛ نص كلمة الملك ألفونسو 13 عند استقباله للقيادة العسكرية المشتركة للتحالف الاستعماري الاسباني الفرنسي :أبيدوهم كما تباد الحشرات.إضافة إلى شهادة قائد سلاح الجو الفرنسي أرمنكو:...ففي أقل من دقيقة سقطت أكثر من 800 ضحية في أحد أسواق بني زروال .كما أنه و لأول مرة يتم استعمال هده الأسلحة عن طريق القصف الجوي إضافة إلى القصف المدفعي و ذلك بطيارين أمريكيين تم تجنيسهم كمغاربة من طرف سلطان المغرب آن داك .
كما أن استعمال الغازات السامة كان بموافقة و تزكية سلطان المغرب المولى يوسف وهو ما نستنتجه كذلك من نص الرسالة الموجهة إلى قيادة التحالف الاستعماري بمناسبة القضاء على المقاومة و الحضور الشخصي له في مراسيم الاحتفال بالانتصار عليها سنة 1927 في قصر فرساي و تهنئته للجنرال بريمو دي ريفيرا مهندس الحرب الكيماوية على الريف.دون أن ننسى تورط الدولة الفرنسية كمشاركة في الحرب الاستعمارية و الدولة الألمانية كمنتجة و مزودة أساسية لهده الغازات.مما يجعل من مسؤولية استعمال هده المواد المحرمة دوليا متقاسمة بين هده الأطراف و لو بنسب متفاوتة.

2- التجنيد القصري للأهالي و للأطفال القاصرين.

في هدا الصدد يكفي أن نشير إلى ما ورد في كتاب المؤرخة و الباحثة الاسبانية ماريا روزا دي مادرياكا إضافة إلى ما ورد في كتابات الأستاذ مصطفى المرون،خاصة في كتابها مغاربة في خدمة فرانكو ‹‹ إن من باب العدل و المشروعية أن يحتج المغاربة على اسبانيا في شأن التجنيد القصري (تحت التجويع و التهديد..... ) خاصة تجنيد الأطفال القاصرين في حرب لا تعنيهم ››. و من واجب اسبانيا إجلاء الحقيقة كاملة عن هده الجريمة ، التي سلبت الأطفال حقهم في الحياة و التربية و التعليم إضافة إلى التداعيات السيكولوجية و الاضطرابات النفسية الخطيرة التي لازمت الأحياء منهم.و ما تتبع هدا التجنيد الجماعي للسكان ( عشرات الآلاف ) من إفراغ للمنطقة من الموارد البشرية النشيطة الضرورية لأي إقلاع تنموي. إضافة إلى ما خلفته هده الحقبة الاستعمارية، التي قاربت الخمسين سنة، من تأخير لنموها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و دلك بعد القضاء على المشروع الإصلاحي- التحديثي و النهضوي للإدارة و المجتمع الذي كان قد بدأه الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في بداية القرن العشرين.

ب- بالعلاقة مع الدولة المغربية و الميليشيات الحزبية.

1- انتهاكات المليشيا الحزبية/حزب الاستقلال مرحلة 55-58 :

إن ما يميز هذه الانتهاكات الجسيمة هو مصدرها الحزبي و قد تمت بشكل ممنهج وفق الشهادات التاريخية الشفوية منها و المكتوبة،كما أن حصيلتها و في غياب أرقام دقيقة المئات من الضحايا(اللذين اختطفوا و اعدموا خارج نطاق القانون) والمفقودين و المختطفين الذين أطلق سراحهم بعد أن عانوا كل أشكال التعذيب في المعتقلات السرية التي أنشأتها هذه المليشيا لهذا الغرض في كل من تطوان،القصر الكبير،شفشاون، العرائش،الحسيمة،الناضور،تازة و تاونات. كما أن هذه الانتهاكات كانت من جانب واحد،ضد الرأي الآخر الذي كان يعبر عنه الضحايا بطريقة سلمية،و القاضي أساسا بمعارضته لأوفاق ايكس ليبان و هو ما عبرت عنه بصراحة كل من جريدة الرأي و جريدة الرأي العام لحزب الشورى و الأيام الناطقة باسم الجبهة الموحدة للمقاومة المغربية التابعة لجناح الأستاذ علال الفاسي في بداية سنة 1959.
2-انتهاكات الدولة في شخص الملك الراحل الحسن الثاني و الحكومة.(حكومة عبد الله إبراهيم ) .

قمع الانتفاضة السلمية في الريف الأوسط/مطالب عادلة و مشروعة تضمنه ما سمي في حينه بالكتاب الأبيض كرمز للسلام،لكن الرد كان عنيفا و قاسيا استعملت فيه جميع أنواع الأسلحة بما فيها الطيران الفرنسي و النابالم إضافة إلى كل أشكال القتل التي مورست على الأرض من طرف الجنود المشاة التابعين للقوات المسلحة الملكية( 18 ألف جندي من أصل 20 ألف التي كان يتشكل منها الجيش) بما فيها الاغتصاب،بقر بطون النساء الحوامل،و الإعدامات الجماعية و حرق المحاصيل الزراعية،مما نتج عنه الآلاف من القتلى و الجرحى و المعتقلين والمفقودين.ودلك بتواطئي مكشوف للحكومة (غياب أي بيان استنكاري لها). ان هذه الانتهاكات تتحمل مسؤوليتها الحكومة القائمة آن ذاك و المؤسسة الملكية في شخص الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يدير عمليات التقتيل الجماعية من غرفة عملياته المؤقتة و التي أحدثت خصيصا لهذه الغاية بمدينة تطوان، و هو ما اعترف به صراحة في خطاب 1984 ،عقب الانتفاضة السلمية التي عرفتها الجهة الشمالية و بعض جهات الوطن الأخرى.

3- انتهاكات سنوات 84-90 إضافة إلى انتهاكات مرحلة الستينات و السبعينات.

إذا كانت انتهاكات مرحلة الستينات و السبعينات قد شكلت محور اشتغال هيأة الإنصاف و المصالحة فيما أطلق عليها بمرحلة سنوات الرصاص و على الرغم من الشوائب و القصور الذي ميز طريقة معالجتها من طرف الهيأة. فان انتهاكات سنوات-82- 84-90 قد ارتبطت بالانتفاضات السلمية التي قام بها الشعب المغربي عامة و أهالي المنطقة الشمالية خاصة احتجاجا على الأوضاع المعيشية المزرية و ضدا على سياسات التهميش من طرف الحكومات المتعاقبة في حق المنطقة الشمالية كعقاب جماعي على مجمل الأحداث التاريخية التي سبقت.و قد استعملت القوة بشكل مفرط من طرف الدولة المغربية مما نتج عنه مئات من القتلى و الجرحى و المعتقلين الدين عانوا من مختلف أشكال التعذيب، و ذلك في كل من القصر الكبير،طنجة،تطوان،الحسيمة والناضور إضافة إلى فاس و مراكش و الدار البيضاء حيث دفن القتلى منهم في مقابر جماعية مجهولة حسب تقرير هيأة الإنصاف و المصالحة !.(غياب أرقام دقيقة!).و دون أن تتمكن على التعرف على أماكن و جودها،في الوقت الذي لازال الشهود أحياء و المسئولون عنها لازالوا يزاولون مسؤولياتهم .بل يتم الكشف عن بعضها بشكل متدرج و بمحض الصدف،وفق سيناريوهات مفبركة سلفا ( مقبرة الدار البيضاء،فاس،الناضور).

- الجرائم الاقتصادية و البيئية و الثقافية.

تعتبر المنطقة الشمالية للمغرب و على طول الساحل المتوسطي من أكثر المناطق البحرية تلوثا بحوض البحر الأبيض المتوسط لأسباب نذكر منها : التدمير الممنهج للفضاء الغابوي و النباتي، خاصة غابات الأرز من طرف الاستعمار الاسباني أولا و لوبيات المال و العقار بعد مرحلة الاستقلال ثانيا.و ما ترتب عن هذا التدمير من انجراف واسع للتربة يهدد النظام البيئي على امتداد الشريط الساحلي.هذا إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي الجماعية، من طرف لوبيات العقار ،الواقعة على امتداد الساحل المتوسطي من طنجة إلى الناضور.و تحويلها إلى مشاريع سياحية عقارية مدمرة للبيئة و التراث المعماري و الحضاري المتواجد على امتدادها .و هو ما يشكل إخلالا بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمحافظة على البيئة و باتفاقية برشلونة لسنة 1995 المتعلقة بتهيئة الشريط الساحلي لبحر الأبيض المتوسط بما يخدم التنمية المستدامة و حماية البيئة . كما أن عدم معالجة النفايات العمومية ، حول محيط حواضر المنطقة (طنجة ،أصيلة ،تطوان ،باب برد الخ ....) إلى مقابر لكل أنواع السموم مهددة بدلك، إذا ما أضيفت إلى ما سبق ذكره، بحدوث كارثة بيئية بالجهة.

الباب الثاني:- في التأويل و التطابق مع الجرم.

و نحن بصدد الحديث عن مدى تطابق هذه الانتهاكات مع التعريفات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان لا بد من التذكير بديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تستهل بنوده و مواده بما يلي: إن تجاهل حقوق الإنسان و ازدرائها قد أفضيا إلى أعمال أثارت بوحشيتها الضمير الإنساني. إن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو الجرائم الخطيرة هي تلك الخروقات الخطيرة التي تتأطر ضمن القانون
الدولي أو التي تتضمنها مجموعة المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في دورتها الحادية و الستون و هي
جرائم الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية و غيرها من انتهاكات حقوق الإنسان المحمية على المستوى الدولي كالتعذيب و الاختفاء القسري و الإعدام بإجراءات موجزة و الرق التي يطالب القانون الدولي بالمعاقبة عليها و لما تشكله هده الانتهاكات من خرق سافر لاتفاقيات جنف الصادرة في غشت 1949 و البرتوكول الإضافي الأول و الثاني المرفق بها سنة 1977 و القانون الدولي الإنساني.
يتضح من خلال هذه التعاريف الحقوقية للخرق و طبيعته،إن مجمل الانتهاكات التي حصلت بالمنطقة الشمالية تستوفي جميع الشروط و المواصفات التي حددتها المرجعية الحقوقية الدولية و التي يجب أن تتوفر في الخرق و طبيعته.كما أن هذه الخروقات و طبيعتها يتراوح تأطيرها من الخروقات الجماعية (الجريمة ضد الإنسانية ،الإبادة الجماعية)التي تجد مرجعيتها ضمن القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني إلى الخروقات الأخرى التي تقع في دائرة المنصوص عليه من طرف مجموعة المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان/الاختطاف و التعذيب و الإعدام خارج نطاق القانون الخ............).

- في طرق و آليات معالجة هذه الانتهاكات :III

كما سبقت الإشارة فان هذه الانتهاكات يتوزع مصدرها بين الدولة الاسبانية و المغربية و الميليشيات الحزبية.كما أن طبيعة هده الانتهاكات لا يمكن أن تخضع لمبدأ التقادم خاصة مبدأ إعمال الحق في معرفة الحقيقة الذي ينص على أن لعائلات الضحايا أو من ينوب عنهم أو جمعيات المجتمع المدني الحق في معرفة ما وقع من خرق في حق الضحايا و المسئول عنها و التعويض الفردي و الجماعي .كما للشعوب الحق في معرفة تاريخها.
إن التطرق إلى ما تمت مراكمته في هذا المجال يحيلنا بالضرورة على تجربة المغرب في شأن معالجته لبعض ملفات ماضي الانتهاكات الجسيمة من خلال إحداثه الهيأة الإنصاف و المصالحة سنة .../ كلجنة للحقيقة بعد ضغط كبير من طرف المجتمع المدني و الحقوقي الوطني و الدولي و النتائج التي أفضت إليها و مدى احترام هده الهيأة للمواثيق الدولية القاضية باحترام و فرض احترام حقوق الإنسان كما أشارت إليها المادة 55من ميثاق الأمم المتحدة و تلك المرتبطة
بالقانون الدولي القاضية بحمل الدول على معاقبة المسئولين عن هذه الانتهاكات إضافة إلى تلك المتعلقة بمجموعة المبادئ. كما يجب استحضار كذلك ما تمت مراكمته من طرف جمعيات المجتمع المدني و السياسي المهتمة بملفات استعمال الغازات السامة ضد المدنيين و التجنيد القصري لأهالي الريف الكبير و الأطفال القاصرين من طرف الدولة الاسبانية. (العرائش ،طنجة، الشاون،الحسيمة،تازة و الناضور....). و الذي تم بتواطئي من سلطان المغرب آن داك و تواطئ بعض قيادات الحركة الوطنية بالشمال التي بررت هدا الإجرام المتعلق بالتجنيد القصري للأطفال بدعوى محاربة الشيوعية و من أجل الحصول على بعض الامتيازات السياسية من طرف نضام فرانكو.
إن هده الملفات المرتبطة بالمرحلة الاستعمارية ،و رغم بعض المحاولات التي تسجل لصالح بعض الأحزاب الاسبانية و بعض الجمعيات المنتمية الى المنطقة الشمالية،لازلت تراوح مكانها نضرا لغياب أي إقرار رسمي بها من طرف الدولتين و لو بمسؤوليات متفاوتة،رغم أن هدا الملف يستوفي جميع الشروط المطلوبة في تعريف حروب الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية التي تجد مرجعيتها في القانون الدولي الإنساني و ما تضمنته اتفاقيات جونيف لعام 1949 و البروتوكولين الإضافيين لسنة 1977 و قانون لاهاي، و ما نصت عليه مجموعة المبادئ،و مبدأ إعمال الحق في معرفة الحقيقة كما حددتها مفوضية حقوق الإنسان في دورتها الثانية و الستون.
كما أن أي مقاربة لهذه الملفات يجب أن تتجنب كل أشكال المزايدات المنفعلة بالصراعات السياسية و الدبلوماسية بين الدولتين الاسبانية و المغربية.

1-الغازات السامة و التجنيد القصري:

من الوهلة الأولى يتبين أن هذه الملفات لم تحضى بأي اهتمام رسمي من طرف الدولتين و نقصد بذلك إحداث و تفعيل الآلية الوظيفية المتمثلة في احدات لجان للحقيقة أو لجنة مشتركة للحقيقة كما عرفتها مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية حقوق الإنسان رغم مطالب المجتمع المدني و السياسي في هدا الشأن،خاصة الاسباني الذي استطاع أن ينقل ملف استعمال الغازات السامة إلى البرلمان الاسباني سنة 2007 الذي خص جلسة للمناقشة و التصويت على مشروع القانون الذي تقدمت به بعض الأحزاب السياسية الاسبانية و الذي تم إسقاطه بالتصويت والقاضي بالاعتراف و الاعتذار لأهالي الريف الكبير و كشف الحقيقة كاملة و جبر الضرر الجماعي ... الخ. و بالمقابل فان ملف الاستعمار و التجنيد القصري لأهالي الريف الكبير لم يحضى بأي اهتمام رغم ما أكدت عليه المؤرخة الاسبانية ماريا روزا مادريكا من واجب اعتذار الدولة الاسبانية لأهالي الريف الكبير و الشعب المغربي عامة عن جريمة تجنيد الأطفال القاصرين من طرف الدولة الاسبانية،وكشف الحقيقة كاملة عن هدا الملف.
لكن الملفت للانتباه في هذه القضايا هو ضعف المجتمع المدني و السياسي المغربي و عدم قدرته على تبني هده الملفات وفق آليات و مقاربة حقوقية شمولية تنأى بنفسها عن أي مزايدات خاضعة لمنطق التباعد و التقارب بين دبلوماسية البلدين. كما أن ما يثير فضول أي متتبع هو معرفة سبب عدم تبني الدولة المغربية بشكل رسمي لهده الملفات،حتى أنها لم تصدر أي رد فعل رسمي على النقاش الواسع الذي أجراه البرلمان الاسباني في شأن ملف استعمال الغازات السامة.
إن موقف الدولة المغربية في هدا الشأن هو الصمت، في الوقت الذي يقع عليها واجب حماية مواطنيها وفق مقتضيات الدستور، و في الوقت الذي تتوفر فيه كدولة ذات سيادة ،و عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة ،على كل الإمكانيات من أجل معالجته كما هو شأن كل من ليبيا و ايثيوبيا مع ايطاليا.
إن مسؤولية تفعيل هدا الملف تقع، بشكل كبير، على عاتق الدولة المغربية دون أن نغيب دور المجتمع المدني الذي يجب أن يشكل قوة اقتراحية للكشف عن الحقيقة و حمل الدولة على الوفاء بالتزاماتها الدستورية في حماية حقوق مواطنيها.
إن المنتدى،و انطلاقا من التزامه بالدفاع عن حقوق أهالي المنطقة الشمالية سيعمل جاهدا مع كل الأطراف المهتمة ( من المغرب و اسبانيا ) من أجل الكشف عن الحقيقة كاملة كما سيعمل على عقد ندوات دولية خاصة بالبحث في آليات المعالجة القانونية و القضائية لهده الملفات.

2-في تجربة هيأة الإنصاف و المصالحة:

ادا كان عمل هيأة الإنصاف و المصالحة قد شابته الكثير من النواقص في معالجتها لمرحلة ما سمي بسنوات الرصاص فان أي متتبع لعمل هده الهيأة التي أحدثث بمقتضى ظهير:
من اجل معالجة ملفات ماضي الانتهاكات الجسيمة بالمغرب يستوقفه تغييب مرحلة 55-59 من اهتمام هده اللجنة، و هي المرحلة التي عرف فيها المغرب و المنطقة الشمالية خاصة أفضع الخروقات إن على مستوى الفردي و الجماعي، على الرغم من محاولة استدراكها فيما بعد، نزولا عند ضغط المجتمع المدني و الحقوقي،لكن دون أن يرقى هدا الاستدراك إلى مستوى الاهتمام المطلوب.وهو ما عكسه التقرير النهائي الذي غيب الريف من تقريره خاصة في صيغته الأولى أو في صيغته النهائية التي خرجت للعموم ،و التي حاولت إدراج الريف / شمال المغرب بشكل يثير الشفقة من خلال جملة يتيمة تجعل من غياب الشهادات و الأدلة ،مبررا للتغاضي عن عدم إدراجها، لتحيل مهمة البحث في هده الملفات إلى لجنة للبحث التاريخي.
إذا كان تغييب ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ذات الصلة بالريف الكبير بحكم ثقلها و توزع المسؤوليات عنها بين القصر و الحكومة و حزب الاستقلال (قبل مرحلة الانشقاق) ،إضافة إلى حساسيتها التاريخية ، فهدا لا يعفينا من تسجيل بعض الملاحظات التي نراها ضرورية في مصار تجربة هده الهيأة التي عملت كل شيء من اجل إرضاء المسئولين عن هذه الانتهاكات و تبيض صفحاتهم دون عمل أي شيء من اجل إعادة الاعتبار للضحايا و ذويهم و للشعب المغربي عامة من خلال إعمال و لو مبدأ حق الشعوب في معرفة تاريخها الحقيقي:

أ- في مبدأ إعمال الحق في معرفة الحقيقة:

إن طريقة إعمال هدا المبدأ من طرف الهيأة /كلجنة للحقيقة لا فيما يخص مصير ضحايا الاختطاف و الاختفاء القسري أو في معرفة حقيقة الأحداث و الأسباب التي أدت إلى ارتكاب هده الانتهاكات أو فيما يخص الكشف الكامل و العلني للحقيقة كما أشارت أليها المبادئ الأساسية التي تخص حق ضحايا الانتهاكات الصارخة لقانون حقوق الإنسان الدولي و للقانون الدولي الإنساني يتنافى مع المواثيق الدولية ذات الصلة . بل أن طريقة إعلانها على أنصاف الحقائق التي توصلت إليها و ممارسة الحجز عن بعضها الآخر جعل من الهيأة عامل تحريف للحقيقة و ليس وسيلة للكشف عنها. ويمكن أن نسرد في هدا الصدد طريقة إعلانها عن بعض المقابر الجماعية و بغض المختطفين ومجهولي المصير، و الإعلان عن أرقام لا تبت للحقيقة بصلة،وتغييب الكثير من الحقائق الأخرى المرتبطة بالانتهاكات الجسيمة بدعوى غياب الشهادات و الأدلة لوقائع لازال الفاعلون الأساسيون فيها على قيد الحياة!،شأن ملفات الريف الكبير.
خلاصة القول، إن الهيأة جانبت في عملها، مبدأ الحق في معرفة الحقيقة كما أشارت إليه و عرفته خلاصة التقرير المقدم بموجب قرار لجنة حقوق الإنسان 2005/66 الصادر في يونيو 2005.الذي، يتضمن أراء الدول و المنضمات الغير الحكومية، إضافة إلى نتائج حلقة عمل الخبراء بشأن الحق في معرفة الحقيقة التي نظمتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان في أكتوبر 2005. أو تلك المشار إليها في مجموعة المبادئ خاصة المبدأ(1) الذي يلزم الدول بضمان الحق الغير القابل للتصرف في معرفة الحقيقة المتعلقة بالانتهاكات.و المبدأ(2) الذي ينص على أن إن لكل شعب حقا غير قابل للتصرف في معرفة الحقيقة عن الأحداث الماضية المتعلقة بارتكاب جرائم شنيعة و عن الظروف و الأسباب التي أفضت إلى ارتكابها. و المبدأ(3) الذي يسلم بحق الضحايا و أسرهم،بغض النضر عن أي إجراءات قانونية،كحق غير قابل للتقادم بخصوص معرفة الظروف التي ارتكبت فيها الانتهاكات و بخصوص مصير الضحية في حالة الوفاة أو الاختفاء. و كذلك المنصوص عليها صراحة في المادتين 32و33 من القانون الدولي الإنساني (والبروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف).

ب-في المسا ئلة و عدم الإفلات من العقاب:

إن نحن سلمنا جدلا بأن الهيأة عملت وفق مبدئي العفو و الرأفة، ضمانا لخلق شروط مصالحة وطنية كما هو شأن بعض الدول في تحقيق العدالة الانتقالية،و بالتالي أسقطت من برنامج عملها أحد المبادئ الأساسية الذي تقوم عليه هده العدالة و مجموعة المبادئ المترتبة عن إعلان و برنامج فينيا ( المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان /يونيو1993 ) فان المرجعية الحقوقية الدولية قد قيدت هدا العفو بالشكل الذي لا يجهز على حق معرفة الضحايا أو ذويهم من ارتكب هده الانتهاكات، و أن يعترف هذا الشخص بالوقائع المنسوبة إليه(نموذج جنوب إفريقيا......) و هو ما تم تغييبه كليا من طرف هيأة الإنصاف و المصالحة .
و في ذات السياق لا يمكن لإحكام العفو، أو غيرها من تدابير الرأفة، أن تؤثر على حق الضحايا في التعويض و معرفة الحقيقة و لا على حقهم في رفع الدعاوي القضائية إما بصفة فردية أو جماعية، وفق المنصوص عليه في المبدأ 19 القاضي بأن تكفل الدول مركزا قانونيا واسع النطاق في الإجراءات القضائية لأي طرف متضرر و لأي شخص أو منضمة غير حكومية، تكون لها مصلحة مشروعة في دلك.
إن تعامل الهيأة مع مبدئي المسائلة و عدم الإفلات من العقاب يعكس غياب الإرادة لدى الدولة في توفير شروط مصالحة حقيقية و لو في حدودها الدنيا، وهو ما تجلى كذلك في غياب تشريعات قضائية و قانونية تفعل واجبات الدولة في ميدان إقامة العدل، والدي يجد تفسيره كذلك في عدم انضمام المغرب إلى نضام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.و هو ما يفتح الباب كذلك أمام استمرار هدا النوع من الانتهاكات.

ت-في مسألة الحق في التعويض و ضمانات عدم التكرار

إن أسلوب عمل الهيأة في هدا المجال شابته الكثير من النواقص أدت إلى امتعاض الكثير من دوي الحقوق (الضحايا/أو ذويهم) في طريقة تقييم هده الهيأة لحجم الأضرار و التعويض عنها، ودلك راجع لغياب معايير موحدة في مسألة تقييم التعويض المالي،مما ترتب عنه اختلالات كثيرة و تمييز كبير بين الضحايا.هدا دون الحديث عن المستويات الأخرى للتعويض التي لم تحترمها الهيأة (تعامل انتقائي) كإعادة التأهيل و العلاج في حالة المرض الخ...و دلك وفق مقتضيات المواد31 /32 و34 من مجموعة المبادئ لمكافحة الإفلات من العقاب، و العمل كذلك على تسهيل وتيسير إجراءات دعاوي التعويض.
أما في شأن ضمانات عدم التكرار،ربما تكون الهيأة نظريا، على الأقل، قد استطاعت أن تلامس الموضوع من خلال التوصيات التي نص عليها التقرير النهائي،التي احترمت الى حد ما روح النصوص المتضمنة في المواد 35/36/38 من مجموعة المبادئ التي تساهم فعليا في إحقاق العدالة الانتقالية القائمة على أساس دولة الحق و القانون، و ما تقتضيه هده المواد من خطوات عملية من أجل إصلاح مؤسسات الدولة و القوانين، و المؤسسات التي تسهم في الإفلات من العقاب.لكن عدم تفعيل هده التوصيات ،التي تم الترويج لها بشكل واسع على المستوى الدولي أجهز على ما تبقى من مصداقية عمل الهيأة.

ج-في مسألة عدم النسيان و حفظ الذاكرة :
إن ما يمكن تسجيله في هدا الصدد هو عدم إعمال هده المبادئ، من طرف هيأة الإنصاف و المصالحة.التي تعتبر من بين الأركان الأساسية لأي مشروع مصالحة وطنية،أو أي مشروع يروم إلى إحقاق عدالة انتقالية حقيقية، ودلك رغم المطالب المتكررة للمجتمع المدني و الحقوقي في هدا الشأن،إن إهمال هادين المبدأين يسر عملية تدمير الذاكرة الجماعية التي تؤرخ لهده الانتهاكات من خلال سعي بعض الدوائر الحكومية (الرسمية و الغير الرسمية)، ودلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة ،إلى محو هذا التراث الشاهد على الانتهاكات والدي يتجلى أساسا في غض الطرف عن تدمير الكثير من مراكز التعذيب والاختطاف و الإعدامات خارج نطاق القانون، أو تحويلها إلى منشآت سكنية خاصة.ودلك على امتداد جهة الريف الكبير خاصة و المغرب عامة.
إن إعمال الحق في حفظ الذاكرة الجماعية من النسيان كما نصت عليه المادة الثالثة من مجموعة المبادئ القاضية بتعزيز و احترام حقوق الإنسان ، هو إقرار بحق الشعب في معرفة تاريخ اضطهاده ،وهو جزء من تراثه وجب على الدولة اتخاذ جميع التدابير لصيانته و حفظ سجلاته و غيرها من الأدلة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني، والتي يجب على الدولة تيسير عملية المعرفة بها.

- تدابير وخلاصات/ في شأن الانتهاكات الجسيمة بالمنطقة الشمالية.IV

قبل الخوض في شكل هده التدابير لا بد من التوقف عند المادة 23 من مجموعة المبادئ التي تبدأ بحرف «لا» لتؤكد على ما يلي.
-لا يسري التقادم في القضايا الجنائية خلال الفترة التي لا توجد فيها سبل تظلم فعالة على الجرائم التي تندرج في إطار القانون الدولي،و تعتبر غير قابلة للتقادم بحكم طبيعتها.
- ولا يمكن الاحتجاج بالتقادم،عند انطباقه،في الدعاوي المدنية أو الإدارية التي يرفعها الضحايا للمطالبة بجبر الضرر الملحق بهم.

1-في شأن الغازات السامة و المحاربون القدامى في الجيش الاستعماري الاسباني.

- إن أي مطالبة باعتراف و اعتذار الدولة الاسبانية لأهالي المنطقة الشمالية خاصة و المغاربة عامة و كذا اعتراف و اعتذار الدولة المغربية ،يجب أن لا يعفينا من مطالبة هذه الأخيرة بالكشف عن حجم مسؤولياتها في هدا الملف،إن توفرت لديها الإرادة الفعلية لتحقيق شروط مصالحة حقيقية مع تاريخها، و الكشف عن ما تتوفر عليه من أرشيف يوثق لهده المرحلة التاريخية،الذي تم تأكيد و جوده (بكمية هائلة) خلال الندوة التي نضمتها الجمعية المغربية للبحث التاريخي في بداية التسعينات من القرن الماضي ودلك حسب العرض الذي تقدم به المسؤول عن قسم الأرشيف الوطني آن ذاك.
إن اعتذار الدولة المغربية، عن مساهمتها المباشرة و الغير المباشرة في شخص السلطان المولى يوسف من خلال الصمت تارة و الدعم تارة أخرى لقوى التحالف الاستعماري في حربها ضد المقاومة التي استعملت فيها أسلحة محرمة دوليا لإبادة أهالي شمال المغرب ،سيعمل على فك أغلالها و سيؤهلها فعليا للمطالبة بالحقوق المدنية المترتبة عن هدا الملف.كما سيشكل مدخلا حاسما لمعالجته وفق مقتضيات القانون الدولي الإنساني و جميع المواثيق الدولية القاضية باحترام وفرض احترام حقوق الإنسان: كالحق الغير القابل للتصرف في معرفة الحقيقة و إعمال مبدأ عدم النسيان الذي ينص على « » أن معرفة الشعوب لتاريخ اضطهادها هو جزء من ثراتها،فيجب بناء على دلك ،صيانة هدا الثرات من خلال الكشف على الحقيقة كاملة و حفظ سجلات و غيرها من الأدلة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني و تيسير عملية المعرفة بهده الانتهاكات. إن هذه التدابير تهدف إلى حفظ الذاكرة الجماعية من النسيان بغية الاحتياط على الوجه الخصوص من ظهور نظريات تحرف الوقائع أو تنفيها.« ».
إن حمل الدولة الاسبانية و التحالف الاستعماري ( فرنسا و ألمانيا ) وكدا الدولة المغربية على الاعتراف و الاعتذار عن حجم مسؤولياتهم في استعمال أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين بالريف الكبير و التجنيد القصري للأهالي و للأطفال القاصرين يقتضي منا كذلك كمجتمع مدني و حقوقي خلق قوة ضاغطة قوامها جبهة عمل مدنية مغربية اسبانية .قوة تسعى إلى الكشف عن حقيقة ما جرى دون أن تسقط في فخ التجادبات الدبلوماسية و السياسية بين البلدين .و حتى نتمكن من بناء الذاكرة المشتركة على أساس إعمال مبدأ الحق في إعمال الحقيقة.
و في هدا الشأن يمكن اعتبار نص مشروع القانون الذي تقدم به اليسار الجمهوري الكطلاني و قوى سياسية اسبانية أخرى في شأن ملف استعمال الغازات السامة ضد المدنيين أرضية عمل مشتركة من اجل معالجة هدا الملف.و العمل كذلك مع هده القوى من أجل انجاز ندوات أكاديمية مشتركة من أجل الكشف عن الحقيقة و البحث في الآليات القانونية و القضائية من أجل معالجة هده الملفات ، وكذلك العمل من أجل انجاز مشاريع قوانين أخرى متعلقة بملفات التجنيد القصري و الاستعمار الاسباني لشمال المغرب بشكل عام الذي أخر نموه الاقتصادي و الاجتماعي و الحضاري لمدة تقارب الخمسين سنة ،إضافة إلى ملف تصفية الاستعمار الذي يخص أجزاء ترابية كثيرة من الريف الكبير.

2- في شأن ملف الانتهاكات الجسيمة /الدولة الغربية و الميليشيات الحزبية.

يتضح من خلال قراءتنا لتجربة الهيأة /كلجنة للحقيقة أنشأت بهدف البحث في ملفات الانتهاكات الجسيمة بالمغرب عامة و الريف الكبير خاصة.أن هده الهيأة و بغض النضر عن طريقة تأسيسها،و الظروف و الملابسات التاريخية و السياسية التي تأسست فيها،قد استطاعت أن تفتح هده الملفات لتكن دون أن تنجح في طيها.
إن الهيأة /اللجنة لم تلتزم بمقتضيات المواثيق الحقوقية الدولية ذات الصلة بمعالجة الانتهاكات الجسيمة و لو في حدودها الدنيا،بل إن اللجنة و في حالات كثيرة عمدت إلى إخفاء الحقيقة و التستر عنها إلى حد تحريفها، و هو ما يمكن اعتباره جرما من منظور النصوص الحقوقية المؤسسة لمفهوم العدالة الانتقالية كما هو متعارف عليها دوليا.
كما أن الهيأة و من اجل أن تضمن إجماع بعض الفاعلين السياسيين على تقريرها النهائي عمدت إلى تغييب مرحلة مهمة من تاريخ هده الانتهاكات خاصة مرحلة 55-59 التي تهم الريف الكبير و المغرب عامة و هو ما عمق من أزمة مشروعية وجودها،و أفقدها الموضوعية المطلوبة في تأسيس لجان الحقيقة كما هو متعارف عليها في كل التجارب الدولية و كما ينص عليها المبدأ 5 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية حقوق الإنسان و تعزيزها.
إن الهيأة / اللجنة اشتغلت في محيط سياسي و اجتماعي تعوزه الجرأة في تحقيق شروط مصالحة حقيقية و هو ما يتأكد كذلك في غياب تفعيل التوصيات و المقترحات القانونية و الدستورية التي أوصت بها بهدف عدم التكرار.
إن ملفات الانتهاكات الجسيمة / بالريف الكبير خاصة و باقي جهات الوطن عامة لازالت لم تستوفي شروط طيها، بل يمكن اعتبارها مستمرة في الزمان و المكان مع استمرار الاختطافات و التعذيب و المحاكمات الغير العادلة، وفي غياب الآليات القانونية و الدستورية والقضائية لضمان عدم التكرار.و تقتضي من أجل دلك إعمال المبادئ المنصوص عليها في المواثيق الدولية ذات الصلة من اجل تعزيز و حماية حقوق الإنسان،كما أن أي إعمال لها يتطلب إقرار فعليا بها و الذي يشكل فيها اعتذار رئيس الدولة و حزب الاستقلال مدخلا حاسما لأي مصالحة حقيقية قائمة على الاعتراف بحق أهالي المنطقة الشمالية في تقرير مصيرهم الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي الذي شكل مطلبا تاريخيا و سببا حقيقيا لحدوث مجموع هده الانتهاكات بالريف الكبير.هدا دون إغفال إعمال مبدأ المسائلة و تنحية جميع المسئولين عن هده الانتهاكات عن أي منصب رسمي .و كشف النقاب عن ملف المختطفين السياسيين و مجهولي المصير مهما كانت الجهة المتورطة في القضية.
كما يجب إعمال مبدأ المسائلة في الجرائم الاقتصادية و البيئية و الثقافية ( التراث الحضاري ) التي تتعرض لها المنطقة الشمالية لما تشكله من خرق سافر للمواثيق و العهود الدولية ذات الصلة.
نضرا لضخامة هده الملفات، و باعتبارها إرثا مشتركا لجميع المغاربة،فان منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب سيسعى جاهدا للتنسيق مع كل الإطارات الحقوقية الوطنية و الجهوية و الدولية من اجل إجلاء الحقيقة كاملة عن ملفات الانتهاكات الجسيمة بالمغرب عامة و الريف الكبير خاصة و العمل من اجل التحضير لمناضرة وطنية ثانية قوامها استخلاص النتائج من تجربة المغرب في معالجة هده الملفات و بلورة موقف موحد منها و البحث في سبل استكمال معالجتها وفق مقتضيات المواثيق الحقوقية الدولية ذات الصلة.


انتهــــــــــــــــــــــــى
13 نونبر 2010

http://www.redrif.org/

No comments:

Post a Comment