Sunday, December 26, 2010

بمناسبة اليوم الوطني ضد النسيان
ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف
في مواجهة التسويات الهشة ؟

تقديم : كما كان مقررا احتضنت قاعة مركب ميرامار فعاليات الندوة الحقوقية التي انعقدت بدعوة من فرع منتدى الحقيقة والإنصاف بالحسيمة ، وقد حضر الندوة ثلة من الضحايا ومجموعة من الهيئات الحقوقية والفعاليات المناضلة وبعض المناضلين من المهجر بالاظافة إلى اطر نسائية مناضلة وكذا فعاليات إعلامية ، وقد عرفت مناقشات هامة دارت حول الأرضية التي تقدم بها رئيس الفرع علي بلمزيان وإليكم نصها الكامل

ورقة مقدمة لندوة منتدى الحقيقة الإنصاف بالحسيمة
ميرامار 25/12/2010

في سياق الاحتفال باليوم الوطني ضد النسيان ، ارتأى فرع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف إطلاق دينامية جديدة حول أهم
 القضايا التي ظلت عالقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولم لا إيجاد أرضية لتقييم موضوعي لمسار العدالة الانتقالية كما مورست بالمغرب عبر تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة سابقا ...
ومن أهم القضايا التي لا تزال تستأثر بانشغال المنتدى تأتي في المقدمة قضية المختطفين ومجهولي المصير بالريف يتعلق الأمر بالأساس بقضية المختطف حدو أقشيش ومجموعة كبيرة من الفتيات مجهولات المصير اختفين خلال أحداث الريف 58/59 ، والمسألة الثانية تتعلق بمجموعة من الملفات العالقة تتعلق بجبر الضرر الفردي عن سنوات الانتهاكات التي حدثت ما بعد الاستقلال ، المسالة الثالثة تتعلق بالإدماج الاجتماعي والتسوية الإدارية لمجموعة من الضحايا ما زالوا ينتظرون تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ، والمسألة الرابعة تهم تدبير ملف جبر الضرر الجماعي في ارتباطاته مع الذاكرة الجماعية والحقيقة والمسؤوليات ..
إذن أربع ملفات كبرى ما تزال تراوح مكانها وهي جزء يغطي مساحة مهمة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف ، وعليه يتوقف نجاح أو فشل المشروع برمته .
ست سنوات مرت على إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة وأربع سنوات على إعلان نهايتها وتقديم تقريرها الختامي ، في خضم ذلك ينطرح سؤال بديهي ماذا تحقق؟ وما لم يتحقق ؟ وهل تمكن المغرب من ممارسة العدالة الانتقالية بنجاح؟ وهل أفضت المجهودات التي بذلت إلى طي صفحة الماضي وبناء الأسس القانونية والدستورية والمؤسساتية إلى تأمين عدم التكرار ؟ أم أن الأمور بدأت ترجح بالعودة بالمشروع إلى منطلقه الأول ومن حيث انطلق المسلسل أول وهلة بالنظر لاستمرارية الدولة في ممارسة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؟

I. تقديرات متباينة:

1- أنصار التفاؤل المفرط :

هناك توجه سياسي وحقوقي يقوده يساري سابق جاء ليحل محل الراحل إدريس بنزكري يحاول أن يجتر تركة هذا الأخير الذي عرف كيف يستعمل حمولته اليسارية للهجوم على توجه سياسي حقوقي راديكالي وهي في الواقع هجوم من موقع" نيران صديقة " كان المستفيد الأكبر منها هو الدولة المغربية التي حافظت على طابعها المخزني غير الديمقراطي والتي خرجت، أو كادت أن تخرج، من امتحان تقديم الحساب الحقوقي عن سنوات الرصاص أكثر قوة من ذي قبل وأكثر استعدادا لهضم حقوق الإنسان دونما الالتفات إلى اللوبي الحقوقي .
يرتكز هذا التوجه على جملة مما يعتبره إنجازات تحققت تتمثل أهمها في تعويض عدد هام من الضحايا وتمكينهم من البوح العلني بالعذابات التي تعرضوا لها مما تولدت معه حالة من اللحظة الإنسانية القوية وسط الرأي العام كانت عبارة عن رسائل مشفرة للذين تورطوا في مسؤوليات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، غير أن هذا التوجه نفسه اعترف باصطدامه مع سور مخزني وخطوط حمراء حالت دون استكمال مجريات البحث عن الحقائق والمسؤوليات سواء مع الأشخاص أو عبر الأرشيف الوثائقي الرسمي ، فيما لم يتمكن لحد الآن من الجواب على سؤال أساسي يتعلق بعدد هام من الملفات العالقة والمتعلقة بجبر الأضرار الفردية وغموض سياسته حول جبر الأضرار الجماعية وتلكأ الدولة في تنفيذ ما تبقى من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة على محدودية أثرها الحقوقي !؟

2- فشل الطبعة المغربية للعدالة الانتقالية والسقوط في شرك المصير الأكثر فداحة ومعاودة إنتاج الانتهاكات الجسيمة ما بعد 1999:

تلك الأكوام التي كانت تتراءى للبعض وكأن طريق العدالة الانتقالية بدا يشق طريقه نحو تدشين مستقبل ديمقراطي للمغرب، تركت وراءها خواءا عارما لم تتمكن بعض الخفافيش من ذر الرماد في العيون عبر الانصراف إلى بناء ذاكرة الخربة بإيعازات واضحة وكأن كل شيء تحقق ولم يبق لها سوى الانصراف إلى بناء الذاكرة ، وقبل ذلك أية ذاكرة تريد : الاستحضار أم النسيان ! أتريد النبش في ذاكرة محظورة ، ذاكرة مدبرة وذاكرة مرغمة إذا استعرنا هذا التقسيم الثلاثي من الفيلسوف الفرنسي الراحل بول ريكور.

-الريف .. الجرح العالق الذي استصغرته هيئة الإنصاف والمصالحة أم أن الأصح أن هذه الأخيرة كانت أصغر وأضعف من أن تدخل في معمعان الأحداث التي تتجاوز قدرتها على التصدي لحالات قصوى لجرائم ضد الإنسانية كان الريف مسرحا لها ، ومسؤوليتها الشنيعة أنها لعبت أدوارا بالوكالة عن الدولة لتخليصها من العجز وعدم القدرة على تحمل الحساب الثقيل لكنها لم تقدم الحجة الوثائقية على براءتها وعدم تورطها المباشر في سحق الانتفاضة الشعبية بالريف سنتي 1958/59 .
- كثيرة هي الملفات التي ظلت عالقة ودون تسوية ولم يقم المجلس الاستشاري سوى بجبر عدد ضئيل منها وفي ذلك تنكر واستهتار بالفواجع التي كان الريف عرضة له في سنوات دامية ولا سيما إبان 58/59 .
- هيئة الإنصاف لم تقدم حجة وثائقية لتفنيد الحجج التي تثبت تعرض الريف لنوع من الانتهاك مصنف ضمن جرائم ضد الانسانية فيما تعامت ، بشكل متعمد ، عن الحجج الوثائقية الموجودة كما أدارت ظهرها للشهود أو ما يسمى بالشاهد الثالث الذي عاين الأحداث عن كثب في الوقت الذي استمعت لشهود أشبه بمخبرين إن لم يكن مخبرين أصلا وهذا هو سر اعتماد معايير في جبر أضرار بعض الضحايا 59 دون سواهم !

II. جبر الضرر الجماعي :

1. بناء الذاكرة :

من بين الأسس التي تنبني عليها أرضية الذاكرة الجماعية ، هذا المصطلح القادم من مجال السوسيولوجيا يريد أن يقول أن لا وجود لذاكرة فردية أو هي حثالة الأولى كما يقول لويس هافاكس ، قلنا من بين الأسس لبناء مفهوم الذاكرة الجماعية هي المجاهرة والاعتراف والبوح والعقاب.
إن وجود هذه الظروف أمر لا مندوحة عنه لقيام أسس ذاكرة جماعية إما للاستحضار أو النسيان . ولذلك فلا أعتقد أن المغرب قد وفر هذه الأجواء المناسبة لقيام مسلسل من هذا النوع يروم التحول والانفتاح بل الأدهى من ذلك فالدولة لم تعد قادرة على التكيف مع هامش الحريات وتتمعن كل مرة للانقضاض على جملة من المكتسبات ناهيك عن الذهاب بعيدا في مسلسل المصالحة وجبر الأضرار والاعتراف وتقديم الاعتذار وبناء أسس عدم التكرار .أما ما نشاهده من تحركات محسوبة على جمعيات مدنية منبعثة حينا وخافتة في أحايين أخرى فلا يعدو أن يكون نوعا من الاستعمال لمفهوم المجتمع المدني في أغراض سياسية وبعض الأحيان مخابراتية وفي هذا السياق تندرج بعض الحملات المدفوعة الثمن ضد إسبانيا سواء تعلق الأمر بجبر أضرار عن ماضيها الاستعماري للريف أو القيام ببعض المناوشات على الحديد مع مليلية وسبتة فيما لم نسمع لهؤلاء يتحدثون عن جرائم الاستعمار الفرنسي الذي استعمل طيرانه في قصف الريف سنوات 58/59 بل هناك من يؤكد التدخل المباشر للعملاء الفرنسيين في سحق تلك الانتفاضة .
وحتى نخرج من الهجانة التي تعانيها مفهوم الذاكرة الجماعية فلا بد من تأسيس مداخل أخرى تتمثل في المجاهرة وبناء ميثاق للحقيقة والاعتراف وتقديم الاعتذار ..

2. مشاريع لجبر الضرر الجماعي أو مسار تنموي عادي :

نود أن نثير مجموعة من القضايا ذات الصلة بموضوع جبر الضرر الجماعي كما يطرحه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان .
فمن حيث الشكل فمنهجية تحرك هذه الجهات تبدو سخيفة ولا علاقة لها بأي شكل من أشكال الديمقراطية بل واستعملت فيها أساليب مخزنية وزبونية في اختيار جمعيات وجماعات ومناطق لم يجر أبدا حولها أي نقاش حقيقي للتوافق حول جملة من المعايير الأساسية .
لقد كان هم هؤلاء ، ونقصد المجلس الاستشاري ووزارة الداخلية وبعض الجماعات المحلية والجمعيات المحلية غير الحقوقية وغير المعروفة ، هو البحث عن شرعية كارطونية للتحايل على الجهات الممولة بكل أصناف الخداع والرياء ، فيما أن هؤلاء جميعا لا علاقة لهم بملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وضحاياه الذي على أساس معاناتهم تجرى عملية الاسترزاق من الخارج لذلك فلن نتردد في نعتهم بالمرتزقة والمتطفلين على معاناة الضحايا من أبناء الريف الصامدين والمناضلين .
من حيث المضمون : إن المشاريع المقترحة لجبر الأضرار الجماعية بالريف لا علاقة لها بموضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بل الأمر يتعلق بتنمية عادية للدولة والجماعات المحلية .
هناك خلط فظيع بين برامج جبر الضرر الجماعي التي يجب أن تكون برامج متميزة تتوفر فيها كل المواصفات التي تجعل من أولى أهدافها هي معالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة وتسوية أوضاع الضحايا والمتضررين منها سواء كأفراد أو جماعات ومناطق بعينها .
ولقد كان تجربة إعلان الريف بالحسيمة دالة على هذا الصعيد ، فقد أعطت عدة نماذج ومقاربات للكيفية التي يجب أن تكون عليها برامج جبر الضرر الجماعي ، لكن لم يكتب لها أن تستمر لأنها تعرضت هي بدورها للسحق عبر نيران صدقة وغادرة !
والحال أن المشاريع المقترحة هي جزء من برامج تنموية للدولة مبرمجة ضمن عدة مخططات ومرتبطة بتحديات : مخطط المغرب الأخضر . التنمية البشرية .. بل هناك من ضمن المشاريع المقترحة لجبر الضرر الجماعي بعضها متعلق بتحديات الألفية وأخرى موجهة لمحاربة زراعة القنب الهندي كما هو الحال لمشرع غرس الورد بسنادة وزراعة الزيتون واللوز بنفس المنطقة وكذا مناطق أخرى .
إن المنتدى والضحايا لا يسعهم إلا أن يعبروا عن استهجانهم لهذه السياسية الاحتقارية التي تنهجها الدولة بإيعاز من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان .

من إعداد علي بلمزيان
رئيس فرع المنتدى

المرفقات :


نبذة موجزة عن حياة المختطف حدو أقشيش
المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بالحسيمة
بمناسبة اليوم الوطني ضد النسيان
نبذة عن حياة المختطف حدو أقشيش
نبذة عن حياته :

من مواليد 1921 بتماسينت ,إقليم الحسيمة ,تلقن تعليمه العتيق بمسقط رأسه ثم بمنطقة جبالة كما جرت العادة آنذاك . بعدها انتقل إلى حاضرة تطوان في نهاية الثلاثينيات حيث جمع بين التعليم العربي و التعليم الإسباني . و كانت هذه المرحلة من حياته جد حافلة بالنضالات التي كانت في معظمها على شكل مطالب اجتماعية للطلبة . و يسجل له أنه كان أول من طالب بصرف منحة للطلبة في منطقة الخلافة ( و قد تحقق مطلبه بعد مدة : 30 دورو مع رغيف خبز يوميا لكل طالب ) .
فكما كان متوقعا فإن السلطات الإسبانية انزعجت كثيرا من أنشطته و أصدرت في حقه قرارا بالإبعاد.
فكان مضطرا للتوجه إلى القرويين بفاس و قضى بها مدة سنتين و نصف , و بطبيعة الحال واصل نشاطاته النضالية واتخذت طابعا سياسيا خصوصا و أن المرحلة عرفت ظهور الحركة الوطنية بالعاصمة العلمية فاس و ما كان على السلطات الفرنسية إلا أن تصدر بدورها قرارا بالإبعاد في حقه وفرض الإقامة الإجبارية عليه بمسقط رأسه بتماسينت مع تحميل مسؤولية الالتزام بها لوالده (عبد السلام الملقب بأقشيش) ,(تتوفر العائلة على نسخة من القرار المشؤوم ) ونظرا لمشاطرة الأب لقناعات ابنه فقد تدبرا أمر فراره إلى الديار المصرية و افتعلا قضية تكسير الأقفال و سرقة المال من متجر الأب حتى يزيل هذا الفعل شيئا من المسؤولية عن هذا الأخير.

تاريخ الاختطاف :

- اختطف حدو أقشيش في مايو 1956
- تم اختطافه من منزل والده اقشيش بحضور جل أفراد العائلة الصغيرة و الكبيرة (و قد حاول بعض أفراد العائلة الحيلولة دون ذلك )
- لم تتلق عائلته أي تعويض من هيئة الإنصاف والمصالحة !!؟رغم تقديم ملف في هذا الشأن من طرف العائلة التي تتكون من أخوان و ثلاثة أخوات (محمد,امحمد,رحمة,مارية و مينة )
- لم تبذل هيئة الإنصاف أي مجهود يذكر للبحث عن مصير المناضل حدو ولم تتوصل عائلته بما يفيد أن الهيئة ومن بعدها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يقوم يتحريات للكشف عن مصير المختطف
- إن تورط ميليشيات حزب الاستقلال في اختطاف حدو, فالأمر شبه مؤكد ,نظرا للتوجهات التحريرية لحدو على مستوى المغرب الكبير .
ومما تجدر الإشارة إليه أن والد حدو قابل السلطان محمد الخامس ,بعد اختطاف حدو, وأكد له أن الأمر خارج عن سيطرته و أن على الأب ان يبحث في الأمر مع أجهزة حزب الاستقلال آنذاك !!!!
- رغم مرور 54 عاما على اختطاف المناضل الملقب بالصنديد حدو أقشيش ما يزال مصيره مجهولا كما هو شأن مصير مجموعة من الفتيات اللواتي تعرضن للاغتصاب إبان سنوات إقبارن !!!

ع.ب

No comments:

Post a Comment