Tuesday, February 1, 2011

الدكتور محمد البطيوي:
من الإعتقال إلى النجاح العلمي والأكاديمي، ومن المعاناة إلى مقاضاة ادريس البصري

12935_211537468396_634153396_2901807_731813_nمنطقة الريف تعيش إحدى أسوأ فترات تاريخها بعد خروجها للتو من صراع غير متكافئ مع المخزن، والفقر يغرس أظافره في الجسد المغربي برمته، واليساريين يستعدون للدخول في حرب غير متكافئة مع نظام الحسن الثاني...
نحن في بداية الستينات، وملفاتها الشائكة تخيم على مملكة الحسن الثاني الذي اعتلى العرش للتو: آلاف الريفيين هاجروا إلى الجزائر الفرنسية لضمان لقمة عيش لعلائلاتهم، وبعد سنتين من الجفاف ستهز المنطقة عاصفة قوية –حسب دوغلاش أشفورد- وإقتصاد المنطقة الشمالية الشرقية
مرهونا إلى حد كبير بعائدات الهجرة إلى الجارة الشرقية، في هذه الظروف محمد البطيوي يرى النور قبالة سينما مانولو بالدريوش يوم 23 يناير 1962، لينتقل في مرحلة طفولته بين أكثر من مدينة ويعيش عن قرب الكثير من تفاصيل سنوات الرعب (أنظر نص الحوار).
تابع دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية بين أزغنغان والناظور، وفي أكتوبر 1982 التحق بجامعة محمد الأول بوجدة لدراسة البيولوجيا والجيولوجيا بكلية العلوم، ليتم اعتقاله سنة 1984 بسبب نضاله في صفوف الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد أحداث انتفاضة الخبر في 19 يناير. في 20 ماي 1984 تاريخ خروجه من السجن وجد نفسه وسط معاناة لا تقل عن معاناة سجون المخزن القديم، حيث تم منعه من متابعة الدراسة، ومن إعادة التسجيل في الموسم الموالي، وهو القرار الذي شكل منعطفا حاسما في حياة محمد البطيوي، الطالب الشغوف بالدراسة والتحصيل العلمي أو كما يقول : "لا شيء أهم بالنسبة لي أكثر من الدراسة".
الشغف بالدراسة وقرار المنع الخطير الذي أصدرته السلطات في حقه، جعله يهاجر مُرغما إلى أوروبا لمتابعة دراسته هناك، حيث دخل بلجيكا بتاريخ 13 غشت 1984، لكن هجرته إلى أوروبا لم تكن هجرة عادية بل كانت أشد من السجن بالنسبة له ولعائلته التي تعرضت لمضايقات واستنطاقات كثيرة، واعتقالات متواصلة من طرف الأجهزة المغربية، وهو الأمر الذي دمر نفسية أخيه "عبد الحكيم" الذي انتهى به المطاف إلى الإنتحار سنة 2000، وبعد سنتين على هذا الحادث الأليم ستسلم والدته الروح إلى بارئها دون أن يتمكن من رؤيتها، وهو ما عمق الجراح مرة أخرى.
ورغم اجترار مرارة الغربة بعيدا عن حضن العائلة والوطن، قرر استكمال دراسته التي كانت بالنسبة له "خير أنيس"، إلى غاية حصوله على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية والتسيير من كلية "سولفاي" لإدارة الأعمال بجامعة بروكسيل الحرة (يونيو 2008)، بأطروحة تحت عنوان "الماء بالشرق الأوسط، بين التدبير والاستعمال"، ليتم تعيينه مباشرة (في نفس الشهر) مدرساً بالمدرسة العليا فرانسيسكو فيرير. وهو، إلى جانب التدريس، باحث في مركز الدراسات للتعاون الدولي والتنمية ((CECID بجامعة بروكسيل الحرة. حصل على درجة مهندس تجاري من معهد كورمان ببروكسيل سنة 1995 بدرجة ممتاز جداً. دبلوم الدراسات المعمقة من كلية التجارة سولفاي 2004 حول موضوع المياه بالشرق الأوسط، وهو حاليا دكتور في علوم الإقتصاد والتسيير. وأب لطفلين : ماسين و أنوال. وفي السنة التي ودعناها صدر له كتاب تحت عنوان "تدبير المياه في الشرق الأوسط" عن إحدى أكبر دور النشر الفرنسية "لارماتان".
وفي سنة 1999 قرر رفع دعوى قضائية ضد أحد رموز سنوات الجمر والرصاص بالمغرب "ادريس البصري" بعد أن صادق البرلمان البلجيكي عن قانون العدل العالمي سنة 1997، وهي الدعوى التي قال عنها "إنها محاكمة للذاكرة والتاريخ" –أنظر الحوار-.
وخلال مساره راكم تجربة فكرية وأكاديمية رفيعة حيث عمل كرئيس لجمعية أوربا-المغرب. (1998-2007) ومنسق علمي بمعهد علم الاجتماع السياسي بالجامعة الحرة لبروكسيل. (1998-2000) .أستاذ التعليم الثانوي للناطقين بالفرنسية لمواد : الاقتصاد العام، الاقتصاد المالي، تسيير المقاولات، المحاسبة العامة، إعلاميات التسيير، القانون المالي، التسويق والأوراق التجارية. (2002-2009) .منسق علمي بمركز الدراسات للتعاون الدولي والتنمية (2005-2009) وهو أيضا أستاذ بالمدرسة العليا فراتسيسكو فيرير.
وبين هذا وذاك يهتم الدكتور البطيوي بالعديد من القضايا الإقتصادية والعلمية والبيولوجية، الإقليمية والدولية. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية الدولية حول العديد من المواضيع الحساسة من قبيل :الماء، البيئة، الإقتصاد، الأمن الغذائي، السلم العالمي، التدين...الخ، كما صدرت له الكثير من المقالات الصحفية حول نفس المواضيع، ومنها بعض المقالات العلمية حول الإقتصاد المغربي في القرن الواحد والعشرون منشورة في مجلة le journal hebdomadaire التي كانت إحدى المطبوعات النادرة في الجسم الصحفي المغربي.


فكري الأزراق

محمد البطيوي : شكايتي ضد ادريس البصري هي محاكمة للذاكرة والتاريخ

نجاحي الأكاديمي والعلمي يخفي وراءه الكثير من الجراح والآلام القوية وأنا لست رجل تنازلات

استجوبه : فكري الأزراق

محمد البطيوي، أنت ابن منطقة الريف، عشت في المنفى منذ 27 سنة بسبب تداعيات اعتقالك وسجنك سنة 1984، وبالتالي لم تعد تربطك بوطنك الأم إلا اتصالات محدودة، وهو ما جعل معظم الريفيين لا يعرفون شيئا عنك وعن قضيتك، فكيف ستُعرف نفسك؟ أي من هو محمد البطيوي؟

أنا من مواليد الدريوش بتاريخ 23 يناير 1962، قبالة سينما "مانولو". قضيت السنوات الأربعة الأولى من طفولتي في هذه البلدة. موت أخي عبد العزيز غيرت كل مشاريع والدي الذي من فرط حزنه الشديد قرر التخلي عن مهنته كــ "كاتب عدل" ليتجه نحو مدينة "جرادة" حيث تم قُبوله للعمل كضابط محكمة في هذه المدينة، ولما وصلنا إلى جرادة سنة 1966 استقرنا في منزل يقع قرب مناجم الفحم الحجري، كانت الدولة قد وضعته رهن إشارتنا، هذا القرب سمح لي بمشاهدة أحداث 1969 بالمدينة مباشرة وما تلاها من هزات اجتماعية، وهي الأحداث التي لا تختلف كثيرا عن أحداث الريف 1958-1959، والدار البيضاء سنة 1965، وغيرها، والتي كان يقوم بها المتعطش لدماء الأبرياء الجينرال "أوفقير" وبإيعاز من الحسن الثاني.
من سطح منزلنا، سمعت صوت القوات العسكرية وهي تقوم بإطلاق النار، وشاهدت القمع الدموي للإضراب، ولا زلت أعاني من الأضرار الجانبية لحد الآن جراء ما حدث في تلك الفترة، وبعدها قامت السلطات بتطبيق عقاب جماعي على أهالي المنطقة، حيث قامت بإغلاق المدارس، والمراكز الثقافية، والمساجد، وسوق الأحد، كانت المدينة تحت رحمة النيران. من نافذة غرفتي، شاهدت كل شيء ولم أكن أتجاوز حينها سبعة سنوات من عمري، شاهدت العساكر وسمعت صوت أحذيتهم التي تحدث الرعب، ولم يُسمح لي بمغادرة المنزل ولا بالذهاب إلى المدرسة، حيث كانت السلطات قد فرضت حظر التجوال، فقدت الكثير من الزملاء والأصدقاء وقد علمت بعد مدة طويلة بأنه تم ترحيلهم رفقة عائلاتهم إلى مناطقهم الأصلية. وقد كانت الإعتقالات كثيرة في صفوف النقابيين.
وفي بداية أكتوبر 1970 يوم جنازة جمال عبد الناصر، عائلتي ستترك مدينة جرادة لتتجه إلى مدينة أزغنغان، وفي هذه المدينة تابعت دراستي في مدرسة "الأم" إلى غاية الرابعة ابتدائي، وفي سنة 1973 ألحقتني عائلتي بمدرسة "الإمام مالك" و أنهيت دراستي الثانوية سنة 1982 بثانوية "عبد الكريم الخطابي" بالناظور.
مباشرة بعد حصولي على شهادة الباكالوريا اتجهت نحو مدينة وجدة. في أكتوبر 1982 التحقت بكلية العلوم لدراسة البيولوجيا والجيولوجيا. انتمائي إلى منظمة إتحاد طلاب المغرب ومشاركتي في أنشطتها أدى إلى اعتقالي على خلفية أحداث 1984.
خلال فترة حياتي التي عشتها في المغرب، قضيت عطلي المدرسية بين بلدتي الأصلية "timathrath" (التي تسمى أيضا عين الشفاء) التي تقع بين "لعزيب ن ميضار" و أزلاف، وأيضا في قرية ميضار ألطو.

قامت قوات القمع المغربية باعتقالك على خلفية أحداث 1984 بالناظور ، لتمضي بعد ذلك عقوبة سجنية، لماذا في نظرك؟ هل لأنك كنت من مؤطري الإحتجاجات التلاميذية حينها؟ أو كإجراء احترازي قامت به السلطات بعد أن تأزمت الوضعية أكثر وبدأت خيوط اللعبة تنفلت من بين أيديها؟

لقد تم اعتقالي أثناء درس الكيمياء التي كان يدرسها الأستاذ "الرمضاني"، واعتقالي كان نتيجة لعضويتي في الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، وأنشطتي في كلية العلوم والحي الجامعي بوجدة، وفي هذه المرحلة تم التعامل بقسوة أكثر مع الريفيين دون غيرهم من الطلبة بعد خطاب الحسن الثاني في 22 يناير 1984، وهو الخطاب الذي وصف فيه الملك الشعب الريفي بالأشرار و "الأوباش" ومهربي المخدرات، وهدد بتخريب منازلهم، "نخلي دار بوك" وفي جلسات الإستنطاق والتعذيب في مراكز الشرطة بوجدة كانت هذه العبارة مألوفة، وقد استعملت بكثرة.

وبعد الإفراج عنك، إلتجأت إلى بلجيكا لإستكمال دراستك في المرحلة الأولى والعمل وبالتالي الإندماج في المرحلة الثانية، فهل كانت بلجيكا هي منفاك الإختياري أو الإجباري؟

لم يكن أبدا المنفى اختياري ومع ذلك إلتجأت إليه، المنفى ليس سهلا، الإنسان يعيش بعيدا عن عائلته، عن أقاربه وأصدقائه، وعن محيطه الطبيعي، إنه جحيم في الأرض، لقد عشت في جحيم عظيم، انتحر شقيقي، وتوفيت والدتي دون أن أتمكن من رؤيتها ولا حضور جنازتها وبالتالي لم أكن أبدا مرتاحا.
كثيرا من الناس غالبا ما ينظرون إلى نجاحي الأكاديمي (5 شواهد جامعية من بينها دوكتوراه الدولة في الإقتصاد وإدارة الأعمال من كلية Solvay Business School المصنفة في الرتبة 13 في التدبير على الصعيد العالمي من طرف financial times سنة 2008) . نجاحي الأكاديمي والعلمي يخفي وراءه الكثير من الجراح والآلام القوية.

بعد مدة ليست بالقصيرة قضيتها في بلجيكا، فكرت في رفع دعوى قضائية ضد رجل الدولة الذي ساهم بجانب الملك الراحل في قمع انتفاضة الخبز سنة 1984، وهو ادريس البصري، فكيف جاءت فكرة مقاضاة رجل كان يتمتع بسلطة حديدية في ظل الحسن الثاني، وهي الفكرة التي لم يطرحها أي أحد من قبلك؟

فرصة إيجاد بيئة بلجيكية، أوروبية، أو دولية تساعد على تحقيق العدالة، كان دائما حلم يراودني، وهي فرصة رائعة، وبعد وصولي إلى بلجيكا التي صادق برلمانها على "قانون العدل العالمي" سنة 1997، وهو القانون الذي يعطي الحق للمواطنين البلجيكيين في رفع الشكايات سواء ضد البلجيكيين أو الأجانب، وأينما تواجدوا، ومهما كانت جنسياتهم، في القضايا التي تدخل في خانة الجرائم ضد الإنسانية، ولذلك قمت باستغلال هذه الفرصة عن طريق إعداد ملف دعوى قضائية ضد المسؤولين الذين كانوا السبب عن كل معاناتي ومعاناة عائلتي في سنوات الجمر والرصاص.
في شهر أبريل 1999، كنت قد ربطت اتصالات مع واحد من أكبر المحامين المختصين في القانون الجنائي في بلجيكا وهو الأستاذ Michel Graindorge، ووضعنا شكاية في الموضوع لدى المحكمة الإبتدائية.

أنت أول شخص يتجرأ لرفع دعوى قضائية ضد البصري، كيف كان إحساسك وأنت تستعد لرفع الدعوى القضائية؟ هل شعرت بنوع من الخوف من تبعات الخطوة؟

منذ انتحار أخي، والقمع الذي تعرضت له، ومعاناة عائلتي ، ومعاناتي الكثيرة أيضا التي أثرت على نشاطي في المنفى ، لم أعد أخاف من أحد، ومعركتي هي ضد الإفلات من العقاب لجميع مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سنوات الرصاص بالمغرب.

وكيف استقبلت قرار المحكمة الجنائية البلجيكية؟ هل كان منتظرا بالنسبة لك؟

قمت بتقديم الشكاية بتاريخ 19 نونبر 1999، تم قبول شكايتي، وهو الأمر الذي كان مصدر ارتياح كبير بالنسبة لي، لأصدقائي ولعائلتي، وشكاياتي لم تذهب في اتجاه التأثير على إنسان حقير انتهى زمنه مع موت الحسن الثاني.
هدفي كان أكثر نبلا من ذلك. كان هدفي هو جعل هذه المحاكمة محاكمة للذاكرة والتاريخ.

في إحدى تصريحاتك، قلت بأنك كنت تنوي مقاضاة شخص آخر إلا أن ظروف معينة حالت دون ذلك، فمن هو ذالك الشخص؟ هل هو الملك الراحل نفسه الذي وصف الريفيين بالأوباش في خطابه الشهير بتاريخ 22 يناير 1984؟

عندما ربطت اتصالاتي مع الأستاذ Michel Graindorge في أبريل 1999 كان الحسن الثاني لا زال على قيد الحياة، وهكذا كانت الشكوى ستكون ضد الحسن الثاني شخصيا. آنذاك توفي هذا الأخير في نهاية يوليوز 1999، وهي الظروف التي فرضت علينا تغيير استراتيجيتنا، وبالتالي قدمت الشكاية ضد ادريس البصري، رجل الأعمل القذرة للحسن الثاني.

أدانت المجكمة الجنائية البلجيكية ادريس البصري، ونطقت بحكم خلف الكثير من الجدال داخل الأوساط السياسية والإعلامية والحقوقية، ورغم ذلك ظل الرجل بمنأى عن أية متابعة، كيف ترى ذلك؟ وهل مجرد إدانة المحكمة الجنائية البلجيكية لرجل بوزن البصري في حد ذاتها مكسب حقوقي؟

نظرت المحكمة في الملف في يونيو 2009، بعد عشر سنوات من التحقيق، وبعد وفاة ادريس البصري، إذن لم تكن هناك محاكمة جنائية فعلية ضد ادريس البصري، لكن المحكمة قبلت الإدعاء ضده لإرتكاب جرائم ضد الإنسانية، ولكل معاناتي خلال سنوات الرصاص.
بالنسبة لي كان هدفي نبيل، لأن المحاكمة كانت للذاكرة والتاريخ ومكافحة الإفلات من العقاب، والمحكمة البلجيكية فتحت بجدية ملف سنوات الرصاص بالمغرب.

وكيف ترى المشهد الحقوقي المغربي بصفة عامة وبالريف بصفة خاصة في الوقت الراهن؟ علما بأن التركة الثقيلة والموروثة عن عهد الحسن الثاني الذي حكم البلاد بقبضة حديدية لم تصفى بعد؟

الكثير من النساء والرجال الذين كانوا يدافعون عن كرامة وحقوق الإنسان بالأمس أصبحوا اليوم ركائز "النيو-مخزن". فئة كبيرة من الناشطين يوجدون اليوم في خدمة السلطة الجديدة، وبالتالي نجد اليوم صعوبة كبيرة في التمييز بين الهمة، الماجيدي، أزولاي وبين حرزني ، اليازمي ... الكل في خدمة نفس الباطرون "المخزن".


ما رأيك في عمل هيئة الإنصاف والمصالحة التي قيل بأنها عملت على تصحيح أخطاء الماضي، وهي الهيئة التي يقول عنها الكثير من المتتبعين بأنها ليست سوى آلية من آليات انتقال العرش إلى جانب خطة التناوب التوافقي؟ وهل ترى بأنها عملت على تصحيح بعض أخطاء الماضي؟
هذا هو حفار القبور! تماشيا مع التصورات المنبثقة من المجتمع المدني لمعالجة ملف سنوات الرصاص بالمغرب ومحاكمة المجرمين ، قدمت الشكاية بتاريخ 19 نونبر 1999، وهيئة الإنصاف والمصالحة تم إحداثها بعد ثلاثة أيام فقط، فهل هي مصادفة أو استراتيجية السلطة؟ وحده التاريخ سيحكم. ورغم التغطية الإعلامية الواسعة للشكاية التي قدمتها ضد البصري من طرف الصحف المكتوبة والقنوات التلفزيونية لم تربط الهيئة أي اتصال معي شخصيا أو مع لجنة دعم الشكاية المتكونة من أكثر من 50 شخصية بلجيكية (سياسيين، أساتذة جامعيين، كتاب...) فما الذي كان وراء صمت ادريس بنزكري؟ لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال. والتاريخ سيحمل الإجابة للأجيال القادمة.

أنت مقبل على العودة إلى وطنك الأم، بعد 27 سنة من الإغتراب واجترار مرارة اليأس في بلد أعطاك ما لم يعطيه لك بلدك الأصلي، هل هذه خطوة نحو المصالحة مع الماضي؟ أم رغبة في دعم النضال الحقوقي في بلد لا زال لم يحسم بعد في العديد من اختياراته الكبرى ومنها الإختيارات الحقوقية؟


بالنسبة لي لا أسأل عن المصالحة والغفران، ولا أنتظر ذلك. أنا رجل الحوار والتوافق لكنني لست رجل تنازلات. عودتي بالدرجة الأولى لأسباب عائلية، لزيارة والدي البالغ من العمر 90 سنة، وأنا لا أريد أن أرى نفس السيناريو يتكرر مرة أخرة.
ومن موقعي في المنفى لم يسبق لي أن توقفت عن العمل في مجال دعم حقوق الإنسان. وبكل صدق إنه عمل أكثر فعالية من داخل المعهد الأوروبي للعلاقات الدولية، والأكاديمية الملكية للعلوم، أومع أبناء بلدي كمُدرس أومتحدث.

ستعود إلى بلدك، وإلى حضن الريف الصامد الذي لم تندمل جراحه بعد، ما هو احساسك وأنت تفكر في العودة ولا زالت صورة الأحداث الأليمة لسنة 1984 حاضرة بقوة في ذهنك؟

أنا سعيد لرؤية عائلتي، أصدقائي، ومدينتي الناظور. لا أحد يستطيع أن يمنعني من هذا، الذي سيتجرأ على هذا الفعل لم يولد بعد.



Comprendre le Moyen 155x240 _______ ___ ____ _______  73027_463378108396_634153396_5332471_7896458_n 74592_463103133396_634153396_5329258_5069514_n 148536_463072038396_634153396_5328993_4060079_n

No comments:

Post a Comment