المخزن الديني يتحرك
مرة أخرى يعود النقاش بقوة حول علاقة الدين بالسلطة والسياسة بعد أن عمدت السلطات المغربية المكلفة بضبط الحقل الديني (المخزن الديني)، ومن ثم ضبط المجتمع المرتبط بهذا الدين،(عمد) إلى استغلال الدين لكبح الإنفجارات التي قد تنتج عن الإحتقان الإجتماعي الذي يعيشه المغرب.
فقد استغل المخزن الديني التدين الفطري للمغاربة، واستغل يوم الجمعة الذي يجتمع فيه المصلين في المساجد، ليبعث رسائل مشفرة وأخرى واضحة إلى عموم الرعية في كل أنحاء
بلاد المخزن، تخذر من "مغبة" التمرد والإنتفاض على المخزن الملكي باعتباره "حامي حمى الملة والدين" ، وتلقنهم –أي رسائل المخزن الديني- مبادئ وطنية زائفة لا علاقة لها بالوطنية الحقة التي من أركانها الأساسية التعدد والنسبية والإختلاف والحرية... الخ.
إن مفهوم "الوطنية الدينية" التي ما فتئ يروج لها بعض الذين يستهويهم الإمساك بزمام الأمور انطلاقا من التحكم في الحقل الديني، هو مفهوم وهمي يُروج له أبناء وورثة الإستبداد الذين لم يعترفوا بعد بالديموقراطية الكونية، وبحقوق الإنسان العالمية ومن ضمنها حرية الإعتقاد والتدين.
وهنا يتضح جليا بأن الرغبة في الإستمرارية على نهج الإستبداد الإسلاموي في تدبير الشأن العام المغربي، هي المهيمنة على فكر صناع القرار السياسي من أعلى مستويات هرم السلطة المغربية، وبالتالي استمرار الماضي في الحاضر.
وعليه، فإن إصلاح الحقل السياسي المغربي، وفصل الدين عن الدولة أصبح مطلبا ملحا اليوم أكثر من أي وقت مضى، على اعتبار أن الفصل بين الديني والسياسي هو أول ركيزة من ركائز الديموقراطية، كيف؟
فصل الدين عن الدولة، بمعنى، أنه لا يسوغ لحاكم أن يتذرع بالدين لإضفاء الشرعية على ممارسته للسلطة، لأنه بهذه الواسطة يمكن له يبرير كل القرارات التي يتخذها، بما في ذلك الأغلاط والفظاعات التي قد يرتكبها، والإنتهاكات التي قد تكوع له نفسه اقترافها.
وتاريخ الدول والملكيات الحاكمة في شمال أفريقيا منذ القدم يوكد هذا المعطى بشكل لا يدعوا للشك، فكل الأنظمة التي قامت وتعاقبت في هذا المجال الجغرافي تذرعت بالدين لتبرير استحواذها على السلطة منخرطة بذلك في حروب دامية تسببا في مقتل آلاف الضحايا.
وكلما قامت دولة فتية على أنقاض الأخرى المتداعية إلا واتهمتها بالإبتعاد عن تعاليم الدين، وادعت –أي الدولة الفتية- أنها ما قدمت إلا لتخليصه من جميع الشوائب التي علقت به، وبالتالي كسب شرعية دينية لإحكام السيطرة على السياسة. القضية في جوهرها سياسة وفي ظاهرها دين، إنه تناقض صارخ، وعليه أليس هذا سببا كافيا لفصل الدين عن الدولة؟ أليس سببا كافيا للتخلص من الإستعمال المغرض للدين الذي يبرر بواسطته كل ما لا يبرر؟
وفي بلادنا ظهرت في السنين الأخيرة مفاهيم لا يمكن للنفس التسليم بها ولا للعقل استساغها، ومنها –أي المفاهيم الدينية الحديثة- ما يسمى بـــ "الأمن الروحي"، وفي هذا المضمار، قامت الدولة بإصلاح جذري للحقل الديني بهدف تأمين "السلامة الروحية" للمغاربة في الداخل والخارج، ومن أجل تعزيز إطار المؤسسات الدينية وتمتين الوحدة المذهبية مع ترسيخ ما يصطلح عليه بـــ "الثوابت الدينية التاريخية"، الشيء الذي ترجم على هذا النحو:
-إعادة هيكلة مجلس العلماء
- تأهيل الأئمة
-تأهيل الأطر الدينية
- جعل الفتوى تحت قبضة الدولة واستعمالها كسلاح ضد مكعارضيها.
بمعنى أننا أمام نظام أمني –وليس ديني- مبني على تراتيبية محكمة ورقابة جيدة تظهر على شكل هرمي يوجد على رأسه أمير المؤمنين، ثم المجلس الأعلى للعلماء، ثم مجالس العلماء الجهويون الثلاثون، ثم جيش مكون من 20000 إمام يمررون كل جمعة "الكلام الرسمي" عبر خطب محررة من طرف وزارة الأحباس. وهو ما يعني أن الطريق نحو الديموقراطية غير موجودة بعد ما دمنا نعيش تحت سيطرة سلطة تدعي أنها تستمد شرعيتها من الله.
فكري الأزراق
Greetings from Finland. This blog is fun to explore, through other countries, people, culture and nature. Come see the pictures Teuvo blog and tell all your friends know why you should visit Teuvo images Bogi. Therefore, to obtain your country's flag to rise higher in my blog. Merry February Teuvo Vehkalahti Finland
ReplyDelete