Monday, March 7, 2011

علي بلمزيان الكاتب المحلي للنهج الديمقراطي بالحسيمة ل"أصداء الريف":"بطبيعة الحال مع الحد من صلاحيات الملك المرتبطة بتدبير القضايا السياسية والإستراتيجية والتي يجب أن تكون في يد منتخبون محاسبون شعبيا وديمقراطيا من قبل الشعب
في خضم الأحداث الأخيرة التي عرفتها المنطقة في الآونة الأخيرة، وفي ظل تنامي السجال حول من يتحمل مسؤولية ما حدث؟ وما تأثير ذلك على مستقبل المنطقة، وسعيا منها في خلق نقاش جدي وهادئ بين مختلف الفعاليات المحلية من أجل قراءة متأنية فيما حدث ومن زوايا مختلفة ومتعددة، ووعيا منا بضرورة وأهمية الإعلام الجدي في بلورة تصورات ورأي عام قوي ومؤثر، فكرنا في" أصداء الريف"
 بإجراء سلسلة من الحوارات الصريحة والجادة مع عدد من الفاعلين المحليين من أجل فهم ما جرى، أول لقاء سيكون مع السيد علي بلمزيان الكاتب المحلي للنهج الديمقراطي بالحسيمة في هذا الحوار الصريح و الجدي، والذي جدد فيه الحديث عن المطالبة بالملكية البرلمانية وعن علاقة الملك بالمنطقة وأشياء أخرى تكتشفونها في هذا الحوار.

في البداية دعنا نتعرف على رد فعلك ككاتب محلي للنهج الديمقراطي بالحسيمة، حول الأحداث الأخيرة التي عرفتها المدينة و الإقليم؟ وكيف تنظرون إلى ما حدث؟

جواب : بعيدا عن لغة الانفعالات النابعة من باثولوجيا سياسية بقيت حبيسة صدمة وعجزت عن الاقتراب من حقيقة ما حدث ، فمن وجهة نظري المتواضعة يمكن القول أن المسيرات الشعبية التي خرجت في مناطق الريف الأوسط يوم 20 فبراير 2011 و ما بعدها وكذا في باقي المغرب تعني بالنسبة لي أن التاريخ تحرك في اتجاه المستقبل و لا يمكن لأي قوة أن تلوي عنقه في اتجاه إعادة الأمور إلى ما قبل 20 فبراير ، ومن زاوية تحليلية أكثر عمقا يمكن القول أن الريف عرف خلال العشر سنوات الأخيرة بروز جيل جديد من النخب السياسية الراديكالية تنهل من نمط متقدم من التعبير السياسي الحزبي و الجمعوي و الفكري و الإعلامي ولا سيما الإعلام الالكتروني الذي لم يجد بعد مجالات لتصريف مضامينه المطالبية، فالدولة وأجهزتها المحلية عجزت عن استيعاب هذا التحول في نفس الوقت بقيت حبيسة تقليد مخزني سلطاني عمل على احتواء الأفراد وبعض الزعامات وفرضها بالقوة على المشهد السياسي رغم وعيه التام أن هذه الاستراتيجية محدودة التأثير في المستقبل ويمكن أن يتكبد منها خسارة فادحة في الشرعية وهو ما حدث بالفعل بشكل واضح خلال المسيرات الأخيرة التي أعلنت عن اندحار مسار سياسي بني على أسس هشة ،فبعد عدة مراكمات أدت إلى انفجار الأوضاع ، وإذا لم يتم تقييم الأمور بهدوء في اتجاه الاستجابة لمختلف التحولات فإن الأمور ستزداد انحصار وتأزما وستصل الأمور إلى لحظة الازمة الفعلية لذلك المسار.
أما فيما يخص أحداث العنف التي صاحبت المسيرات الشعبية ، فدعني أؤكد لك أنني لن أضع نفسي مكان المحققين الذين هم أقدر ، إن التزموا بالنزاهة والمهنية ، على الوصول إلى الحقيقة ، أنا شخصيا أنزه نفسي عن الاتهامات أو تصنيفات لأنواع المتهمين المفترضين وقد يكون كل ذلك من نسج خيال أصحاب هذا الادعاء نابع من شدة الإحساس الانفصامي بارتباك سياسي عاجز عن رؤية الأمور في نصابها ، غير انه لا بد من القول أن التظاهرات عندما تخرج إلى الشوارع والطرق العمومية وبتلك الكثافة فإن مسؤولية حماية أمن المواطنين والمتظاهرين أنفسهم يقع عبئها القانوني على السلطات الأمنية وليس على اللجان التنظيمية .

تماشيا مع ما قلته، لوحظ خلال الأحد 20 فبراير يوم الدعوة للخروج في مسيرات سلمية بدعوة من شباب الفايسبوك، غياب شبه تام لقوات الأمن، فهل يمكن اعتبار أن ذلك ساهم في اندلاع أعمال التخريب، كما ذهبتم إلى ذلك في أحد بياناتكم مباشرة بعد الأحداث؟

جواب :حتى في أعرق الديمقراطيات التي تكون فيه الاحتجاجات أشبه برياضة المشي يكون الأمن حاضرا لتحسب الطوارئ ويكون مستعدا للتدخل ليس من أجل القمع ولكن لحماية حق دستوري ألا هو الحق في استعمال المجال العمومي للتعبير السياسي من قبل مختلف مكونات الرأي العام .

كنتم منذ البداية من الداعمين لمسيرة 20 فبراير؟ فعل كنتم تعتقدون أن الأمور يمكن أن تصل إلى ما وصلت إليه؟

جواب :كنا ولا زلنا داعمين لها وسنظل كذلك ، أنا شخصيا وحزبي الذي أنتمي إليه لم نكن نتوقع أن الأمور ستنزلق بتلك السرعة إلى مستويات من العنف نجمت عنه خسائر بشرية فادحة وتعرضت العديد من الممتلكات العامة والخاصة للتخريب ، لكن دعنا نحلل الوضعية بشيء من الدقة والموضوعية ، إن الناس لم يتدربوا على استعمال الشارع كوسيلة للتعبير العمومي كما هو الحال في الأنظمة الديمقراطية بل إن الدولة والسلطات ظلت تخنق هذا الحق و لا تسمح به إلا عندما تكون مكرهة تحت ضغط شعبي قو ي أو في مناسبات تأكيد إجماعها الوطني كما حدث في التظاهرات المليونية بالدار البيضاء استنكارا لموقف الحزب الشعبي الاسباني من النزاع في الصحراء..

مقاطعا: لكن ما هي المفاراقات التي يمكن رصدها في اختلاف نوعية الإحتجاجات؟

جواب : المفارقة المسجلة هي كيف أن الأجهزة الأمنية تستعرض عضلاتها في كل المناسبات الاحتجاجية وتضرب طوقا على وقفات احتجاجية بعض الأحيان يصل عدد رجال الأمن ضعف عدد المحتجين ، إلا يوم 20 فبراير 2011 فكان انسحاب الأمن بشكل كلي وهو ما يدعونا إلى استنتاج شيء من إثنين :

-إما أن الدولة تصرفت بقرار مركزي صادر عن الجهات العليا بترك الاحتجاجات تمر في أجواء سلمية مهما كلفها ذلك من ثمن ، وقد اعتادت على هذا النوع من التصرف لإرضاء الشركاء الاقتصاديين الأوربيين و لكي تبرر أن المغرب قوة هادئة و يشكل نظامها استثناء في المحيط العربي والمغاربي من حيث تكيفه مع مختلف أنماط الاحتجاجات وقادر على استيعابها ،
- وإما أنها تقاعست بشكل متعمد وهذا يؤدي بنا إلى استنتاج افتراض وجود سيناريو النوايا المبيتة .
وإذا كان من غير المؤكد الجزم في صحة أي افتراض فإن الشيء الذي لا يخامرنا فيه أدنى شك هو أن الدولة المغربية تناور بمختلف الوسائل للحفاظ على طابع الحكم المخزني الديكتاتوري أطول مدة ممكنة ، فهذا النمط من الحكم شبيه بما وصفه به ميشوبلير فيما معناه أن المخزن يخلق الفوضى الاجتماعية لأجل مصالحه الخاصة ويقيم الحروب بين القبائل و الأحزاب لأجل تقوية موقعه كحكم ..

بالعودة إلى مسيرة 20 فبراير بالحسيمة، تابع الجميع كيف أن المسيرة مرت بشكل سلمي إلى حدود الفترة المسائية التي اندلعت فيها أعمال النهب و التخريب، ما قراءتكم لما حدث؟

جواب : أعود لأكرر لك أن الذين مارسوا العنف عدد قليل جدا مقارنة مع عشرات الآلاف الذين عبروا سلميا وحضاريا عن مطالبهم وهي ظواهر تحدث في الأنظمة الديمقراطية وبالأحرى في المغرب ، فبدل أن يتم معالجة الأمور عبر إطلاق مزيد من الحريات ودراسة مطالب المحتجين وفتح حوارات عمومية جادة تلجا السلطات ومعها بعض الولاة إلى تصعيد الأوضاع وصب الزيت على النار من خلال خلق أجواء الترويع والقمع ونشر غليل الأحقاد وسط الرأي العام .

وهل تعتقدون، كما ذهب الجميع إلى ذلك، آن هناك أطرافا خارجية كانت لها يد كبيرة فيما حدث؟

جواب : من المؤسف جدا أن يكون بيننا من يعتقد بجدوى هذا التفسير التآمري التبسيطي للأشياء وهي معزوفة طالما ا استعملتها الأنظمة الاستبدادية لتبرير العنف والقمع فبدل ان تواجه الحقائق المنطرحة أمامها بإجراءات ملموسة تسوق أعذارا ومبررات واهية على شاكلة ما يقدمه البهلواني السفاح المطاح به القذافي الذي لم يصدق بعد أن شعبه تمرد عليه وإلى الأبد لأنه كان يعتقد انه يسوق قطيعا من الجهلة وليس بشرا قادرا على الفهم بسرعة ما معنى احتكار السلطة والجاه والثروة على بؤس الغالبية العظمى من الشعب .

لكن هناك من اتهم حزب الاستقلال بشكل مباشر بضلوعه في أحداث الشغب، وحاول تقديم مجموعة من القراءات لربط ذلك بحزب الإستقلال، فكيف تفسر ذلك؟

جواب : هذا كلام فارغ نابع عن عجز في تحليل الأحداث ، حيث أن الأحزاب التي وجدت نفسها مستهدفة من قبل الشارع تحول المعارك إلى بعضها البعض وكل طرف يحاول تأسيس شرعيته على نبذ شرعية الآخر وربما تصيد الحلقات الضعيفة لكل طرف وهذا التفكير يساهم في إلهاب السخط الشعبي لا سيما عندما ينظر إلى تصرفات سياسية مستفزة لمشاعر الآخرين . هذه الأحزاب لا علاقة لها بتأطير المواطينن وتنظيم الاحتجاجات فهي مختصة في الانتخابات حيث تتحول إلى وكالات تجارية للبيع والشراء في البشر ، وإن هذا الوضع المشوه سياسيا وقانونيا ودستوريا وأخلاقيا هو الذي جعل البلاد تدور في دوامة التكرار السياسي للازمات .

هل نفهم من جوابك أنك تحيل على حزب الأصالة و المعاصرة؟

جواب : أنا أظن أن هذا الحزب جاء بنموذج سيء للعمل السياسي لكونه يستعمل نوع من الشعبوية الرجعية في تجييش العواطف ويستخدم معاول قديمة في هدم الماضي كما حمل في أحشاءه رواسب القوى الأكثر تخلفا في المجتمع واتخذها وسيلة للوثوب إلى المؤسسات والسيطرة عليها، وهذا بطبيعة الحال لا يسري على كل أعضاءه فالإنصاف يقتضي عدم إعدام إمكانية وجود لكفاءات ربما لها نوايا ليست سيئة في المساهمة في تقدم المغرب نحو الديمقراطية ، لكنها مخطئة تماما في تقدير الأوضاع السياسية رغم أنني لست من أولئك الذين يفسرون كل شيء بمنطق البحث عن المصالح الذاتية .

ومع انهيار النموذج التونسي والمصري بشكل كاريكاتوري يظهر أن مجموعة من الأحزاب وليس الأصالة وحدها تعرض لاهتزاز فكري وصارت بدون منبع ومرجع سياسي لأن الخلفية المضمرة لدى البعض كانت هي بناء حزب هيمني يمتلك سطوة واسعة مدعوم من قبل الدولة ويسمح بتعددية حزبية شكلية تدور في فلكه فيما يمتلك كل وسائط التواصل مع الملك جهاز الدولة ، لا حاجة لنا اليوم للقول أن هذا الخطاب وصل إلى النفق المسدود.

بغض النظر عن ما حدث هل تعتقدون أن المسيرة حققت المبتغى؟

جواب : أعتقد أن الإنسان سيكون جاحدا إذا لم يعترف بوجود شرعية شعبية جديدة مناوئة للاختيارات السياسية الرسمية وكانت رد فعل قوي على المسار السياسي الذي جرى غرسه بالحسيمة بكيفية لا فتة ، ويتبين اليوم أن ذلك من صنع الاعلام الرسمي الذي يأبى الإصغاء لنبض المجتمع ويتصرف بعقلية مهووسة بالهواجس الأمنية ، لدرجة أن الكل يعلم أن وسائل الاعلام الرسمية توجه على المقاس وبكيفية مستفزة تصنع وجوه وتفرضها فرضا على المشهد السياسي والإعلامي بالمنطقة ..
ولا بد من التأكيد على أن النزول إلى الشارع يوم 20 فبراير يؤكد على حقيقة ساطعة أن الناس لو وجدوا مجالات لحرية التعبير سيتعرف الرأي العام عن حقيقة الريف العميق لذلك فالكثيرون يتخوفون من هذه الحقيقة مما يجعلهم يلتجؤون إلى أساليب قمعية لمنع الحق في الاحتجاج والتعبير كما نجحت تلك المسيرات في كشف الطبيعة القمعية وغير الديمقراطية لأجهزة الدولة التي استغلت فلتان أمني للتصعيد الأمني غير المبرر.

دعنا نعود إلى بياناتكم، ذكرتم في إحدى البيانات دائما آن جهات سميتموها وجهت اتهاما صريحا حول وقوف النهج الديمقراطي وراء ما حدث، وذهبتم إلى وصف صاحبة الإتهام بسيدة خرجت عن اللياقة والاحترام وتحولت من مسئولة لجهاز منتخب إلى محكمة زور، حبذا لو قربت القراء أكثر مما حدث؟

جواب :أنا شخصيا صدمت بمستوى الانحطاط الفكري لدى بعض الأعضاء بالمجلس الحضري للحسيمة، وليس كلهم ،وهم يقيمون ما حدث بالحسيمة خلال 20 فبراير ولم يجدوا من تبرير سوى كيل الاتهامات للإطارات والمناضلين وتحميل لها مسؤولية العنف الذي عرفته المدينة وهذا مؤسف أن يحدث ولو في اجتماعات داخلية التي كان من المفترض أن تذهب إلى تحليل عمق الأشياء وتستحضر كل التطورات بهدوء بدل إطلاق العنان لاتهامات طائشة أو الاستكانة لردود أفعال بعض الذي آثر أن يظل حبيس عقلية جمعوية ضيقة والعالم من حوله يشهد تحولات مذهلة .. على أي فنحن آثرنا عدم التركيز على هذه القضايا الهامشية وفندنا بشكل عابر هذه الاتهامات كما أن رئيسة المجلس اتصلت بي هاتفيا ونفت أن يكون قد صدر منها تلك الأقوال بالشكل الذي وصلت إلينا واعتبرنا المسالة انتهت ..

لكن بالمقابل هناك من اتهمكم بمحاولة الركوب على الحدث من اجل طرح مجموعة من المطالب التي كنتم تنادون بها دائما كفعاليات يسارية، آو دعنا نتحدث بدقة، كحزب للنهج الديمقراطي؟ ما ردكم على مثل هذه الإتهامات؟

جواب : ليكن في علم الجميع أن شعاراتنا ومطالبنا نطرحها باستمرار وفق قدراتنا طبعا ونحن جزء من حركة 20 فبراير ولسنا دخلاء على سياق تشكيل هذه الموجة النضالية التي يشهدها المغرب عموما والريف على وجه الخصوص ، ونحن نؤمن أشد أشد ما يكون الإيمان بأن هناك تطور جيلي سيحمل معه طموحات كبرى ودينامية قوية للصراع السياسي لن نركن أبدا إلى الوراء سنكون دوما بجانب الجماهير في أكثر المواقع أمامية . أما الذين يروجون لشائعات الركوب على الحركة الجماهيرية فأظن أن الهدف من وراء ذلك هو إفشال تلك الحركة نفسها بتقزيمها عبر تصويرها كما لو كانت من صنع تنظيم سياسي واحد هو النهج الديمقراطي ، هؤلاء ما زالوا يفكرون بعقلية بالية عفى عنها الزمن ولا يدركون حجم التحول الذي حدث في المجتمع أهمها أنه أفرز عدة آليات متعددة للدفاع الذاتي والنهج الديمقراطي جزء من هذه الدينامية ويسعى إلى تجذيرها وفتحها على آفاق أثر رحابة ولا يتصرف في هذا الشأن بعقلية انتخابية وبمصالح سياسية وهذه هي نقطة ضعفهم أمامنا ولعلها وجه الإزعاج في نظرهم .

قلتم في في إحدى البيانات التي أصدرها النهج الديمقراطي أن المغاربة يستحقون نظاما ديمقراطيا برلمانيا يستجيب لتطلعاتهم في الحرية والكرامة والشغل والتعليم والصحة ومستقبل آمن لأبنائهم، فهل تقصدون بذلك أنكم تطالبون بملكية برلمانية والحد من صلاحيات الملك؟

جواب : النهج الديمقراطي له أجوبة مفتوحة على الصراعات السياسية لمختلف مكونات المجتمع المغربي ، فهو ينطلق من فلسفة سياسية عريقة تتأسس على ضرورة بناء نظام ديمقراطي برلماني نابع من إرادة الشعب الحرة باعتباره صاحب السيادة ومصدر كل السلط لذلك يدعو منذ تأسيسه كاستمرار لمنظمة إلى الأمام قبل أكثر من ثلاثين سنة والباقي معروف لدى كل السياسيين المغاربة ، إلى انتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور ديمقراطي باعتباره أسمى تعبير عن الإرادة الشعبية
كما يدعو إلى سن قوانين عصرية وديمقراطية ووضع قانون انتخابي ديمقراطي وإلغاء اللوائح الانتخابية المزورة وحل المؤسسات المنتخبة صوريا كم يدعو إلى حل جميع الأجهزة القمعية السرية ومحاكمة كل المتورطين في جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتقديمهم للمحاكمة كما يدعو إلى توزيع عادل للثروة والاقتصاص من جميع المفسدين الذين راكموا ثروات هائلة عبر احتماءهم بالنظام والكتلة الطبقية السائدة ..فضلا عن ذلك فهو من السباقين إلى إثارة أهمية المغرب المتنوع بتأكيده على ضرورة دسترة الأمازيغية واعتبار اللغة الامازيغية لغة وطنية كما يقدم مضمونا ثوريا للمناطق الكبرى للمغرب التي يجب أن تكون مشمولة بحكم ذاتي ديمقراطي يعطي للمناطق ذات الخصوصيات الثقافية والاقليمية أقصى درجات التسيير الذاتي..

مقاطعا: لكنك لم تجبني عن سؤالي حول هل تريدون ملكية برلمانية والحد من صلاحيات الملك؟

جواب :بطبيعة الحال مع الحد من صلاحيات الملك المرتبطة بتدبير القضايا السياسية والإستراتيجية والتي يجب أن تكون في يد منتخبون محاسبون شعبيا وديمقراطيا من قبل الشعب كما أنه حان الوقت لوضع حد لمفهوم قروسطوي لم يعد يساير العصر ألا وهو مفهوم إمارة المؤمنين الذي يعتبر دستور داخل دستور ، وإذا كان هذا المفهوم قد استعمل كوسيلة لمقاومة المد الأصولي فلا يجب أن يغيب عن ذهننا أن وجوده يساهم في تغذية الوعي الأصولي وبمعنى أعم القوى الأكثر تقليدية في المجتمع المعادية للتطور والديمقراطية وحقوق الإنسان.. لو كان المجال يسمح لقمت بتحليل نقط التقاطع والتباين بين الملك والملكية والمخزن والأدوار المتكاملة والمتباينة التي تقوم به هذه المؤسسات ، لذل فعندما يرفع النهج شعار نزع الطابع المخزني عن الدولة فإنما يشير إلى إمكانية تبلور ميثاق سياسي انتقالي لتأمين التحول نحو الديمقراطية والميثاق السياسي كما عرف بعض المختصين هو اتفاق علني غيرمشروط بالتفسير والتعليل العمومين يتم بين مجموعة من محددة من الفاعلين ..
ما يمكن قوله إجابة على سؤالك فالمغرب مطالب للتطور في اتجاه السماح لحرية التعبير والتنظيم والاختلاف ونقصد بالتعبير حق التعبير عن افكار جمهورية وحق كل طرف في التعبير عن أراءه سلميا في مختلف القضايا بما فيه الملكية نفسها فليس هناك شيء مقدس في السياسة وشؤون الأنظمة السياسية وحق الشعوب في تقرير وتحديد النظام الذي يريده

لكن بالمقابل هناك من يرى أن مستقبل المغرب واستقراره في ضمان استمرار الملكية، بدليل أن جميع منجزات المغرب قبل ومنذ الاستقلال تمت في ظل الملكية؟

جواب : إن مصير النظام السياسي وشكله لا يقرر النهج الديمقراطي لوحده فهو مرهون بإرادة الشعب المغربي وكيف يريد صياغة مستقبله وأظن بأن الفقه الدستوري وكذا تجارب الأنظمة الديمقراطية لا تبين وجود تنافر بين بقاء ملكية رمزية وقيام نظام ديمقراطي برلماني هو في جوهره نظام جمهوري كما الشأن بإسبانيا او بلجيكا وباقي الدول الديمقراطية الفدرالية ، وكان هناك اعتقاد روج له على نطاق واسع مع انتقال السلطة إلى ملك شاب قيل أنئذ أنه يسير في اتجاه إرساء نظام ملكية برلمانية وعلى أساسه تنامت بشكل قوي ثقافة التسوية والتفاوض وفتح باب التوبة على مصراعيه أمام من انخرط في هذا المسلسل وهو متيقنا أن طريق الانتقال الديمقراطي قد انطلق غير أن السنوات اللاحقة أبانت عن فشل ذريع لهذه الأطروحة بحيث أن الأمور سارت في اتجاه تكريس ملكية مطلقة ذات نفحة محافظة ومحتكرة للمجال السياسي ، والآن سيعود هذا الجدال السياسي إلى الواجهة بعد بروز قوة ثالثة وهم الشباب الذين يفجرون ثورة جيلية جديدة مفتوحة على عدة قطائع سياسية مع موروث جيل النكسات والانهزامات المتتالية ، وأظن أن مغربا مزدهرا ومستقرا وآمنا لن يكون إلا مع الإسراع في وضع لبنات نظام ديمقراطي فدرالي نابع من إرادة الشعب المغربي الحرة وهو صاحب السيادة ومصدر كل السلطات ولم يعد من مبرر للتقاعس في الدفع بهذه الدينامية بعد انقصاف أعذار الفزاعة الاسلاموية وانفضاح مرامي المعطلين ( بكسر الطاء) التي كانت تساق لفرملة هذا التحول نحو الديمقراطية.

دعنا نعود للأحداث الأخيرة، مباشرة بعد هذه الأحداث قدم الدكتور محمد بودرا لاستقالته من رئاسة المجلس الجهوي، ثم عاد ليتراجع عنها لاحقا، كيف قرأتم ردة الفعل هذه؟

جواب : هذه لعبة شد حبال متقطعة الأوصال وهي رسالة داخلية ، فبغض النظر عن صاحبها فنحن أمام نص منشور يحمل في طياته الكثير من الالتباس والتناقض وعدم الاستقرار يفترض من السياسي عندما يكون بصدد اتخاذ قرار مصيري أن يفكر فيه مليا قبل اتخاذه ، فالرجل أحس بالعجز عن الدفاع عن مسار سياسي ينهار أمامه لكن بالمقابل من أين استلهم القوة التي بددت عجزه ذاك ودفعته إلى التراجع عن الاستقالة بسرعة فوت على نفسه فرصة خلق رجة وسط النقاش العمومي كان من شأنه أن يعطي دفعة للفاعلين السياسيين وغير السياسيين إلى تحليل مقاصد ممارسة سياسية تتغيا تخليق الفعل السياسي بأقصى معاني المسؤولية ..

هناك من اتهمكم في إحدى حواراته الصحفية ولو بشكل غير مباشر بأنكم تنتمون لفئة لا زالت تساورهم أحلام الزعامة وقيادة الثورة...ما تعليقكم على ذلك؟

جواب : وهذا ليس قذفا- رغم أني لا أدعي زعامة ولا قيادة ولا هم يحزنون - في زمن انفجار الثورات وعودة الأحلام الكبرى التي أصبحت تراود كل الشعوب المقهورة التي انطلقت في مسار تسارعي لتأسيس مرجعيات ثورية جديدة سيكون بليدا من لا يزال غارقا في سباته العميق ومدمنا على قاموس الامتثال المذل لأولياء نعمته !

كيف تنظرون إلى مستقبل المنطقة بعد هذه الأحداث؟

جواب : المنطقة ستشهد إعادة نظر جوهرية في عدة ترتيبات سياسية بعد صعود قوى جديدة على مسرح الأحداث ، فإما أن يتم أخذ هذه التحولات على محمل الجد باستيعاب مضامين مطالبها السياسية والاجتماعية أو أن نشهد من جديد فصول أخرى للصراع قد تتريث إلى حين مع موجة التصعيد الأمني ، غير أنه لا بد من تسجيل محاذير حول إمكانية التجاء المخزن إلى أساليب قديمة جديدة ستتوخى استدماج بعض الأشخاص بخلفية إطفاء المد الشعبي وهنا سوف يكون أمام ارتكاب أخطاء سياسية جديدة لابد أن يقدم الحساب امام الرأي العام آجلا أم عاجلا .

هل تعتقدون ان هذه الأحداث ستؤثر على علاقة الريف بالمركز، بالرغم من بوادر المصالحة التي انطلقت منذ 10 سنوات؟

جواب : ماذا تقصدون بالمركز ؟

علاقة الملك مثلا بالمنطقة ؟

جواب : ما يسمى بالمصالحة مع الريف توقفت في نصف الطريق وأخفقت نتيجة عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لطي صفحة الماضي ، فالمجهود الذي بذلته الدولة لإخراج الريف من العزلة والتهميش والانتقام السياسي لم تأت أكلها لأن الغرض الذي من أجله أطلقت العديد من المشاريع التنموية كانت بهدف فرض هذه الحقيقة ومع ذلك فمشاريع التنمية البشرية مل تعط النتائج المرجوة فضلا عن اختراقها من قبل المفسدين وتمت عمليات التلاعب بها من قبل موظفي الإدارة الترابية التي استعملت أموالا مهمة من أجل تثبيت موالاة واستدماج بعض المنتفعين في ريع مخزني ..
والآن وقد فشل هذا المسار التنموي وبدأت السياسة والتقويم السياسي لذلك الحصاد ، هل ستفتح قنوات حوارات معمقة مع كل الأطراف السياسية والمدنية من أجل الوصول إلى أهداف ملموسة ووضع سياسات عمومية مغايرة ؟ سنرى ماذا ستحمل الأيام المقبلة ، ولكل حادث حديث

مقاطعا مرة أخرى: أريد جوابا واضحا، سألتك عن تأثر علاقة الملك بالمنطقة؟ هل ستتأثر بعد هذه الأحداث؟

جواب : لا أظن ذلك بل بالعكس تماما فإن الأحداث ستدفع الملك إلى الانتباه أكثر لبعض خيوط اللعبة وإدراك أن بعض الماسكين بزمام الأمور يغالون في تقديم صورة لتحول غير موجود إلا في أذهانهم كما أن الدولة ستدرك أن المسلسل التنموي الجاري لم يؤد إلى انعكاسات اجتماعية واضحة ، هذا إذا مع استحضار أن لوبيات الانتفاع السياسي ستسعى إلى تقديم قراءات مغرضة لكي يستمر دورها في قيادة الصراع بالوكالة عن المخزن هذا الدور بات اليوم مهدد بالزوال .

في نهاية هذا اللقاء، ما هي الرسالة التي تريدون إيصالها للرأي العام؟

جواب : أدعو كافة الفرقاء السياسيين ومختلف مكونات المجتمع المدني إلى تدشين حوارات عمومية مسؤولة من أجل رفع كل التحديات التي تخيم على المنطقة كما أتوجه للسلطات العمومية للعمل على تجاوز مخلفات أحداث العنف التي شهدتها المنطقة والخطوة الأولى في هذا الاتجاه تتمثل في إطلاق سراح كافة المعتقلين المسجونين على خلفية مشاركتهم في المسيرات الشعبية وكيفما كان الحال وبصرف النظر عن هويات المعتقلين فلا يجوز تكرار أخطاء الماضي لأن هؤلاء اعتقلوا ضمن حدث اجتماعي ، نقول هذا الكلام وأمانا مسافة ليست طويلة لمعتقلي أحدث سنة 1984 الذين سجنوا لعدة سنوات ولكن السلطات اضطرت في الأخير على تمتيعهم بعفو ملكي وبتعويض مادي من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة ، كما أدعو مختلف فئات شبابنا إلى التسلح بالنضال الواعي والمسئول والتعبير الحر والسلمي عن مطالبهم المشروعة .

في الختام، كيف تقيمون أداء الموقع الإخباري أصداء الريف؟

جواب : موقع إخباري وتحليلي نأى بنفسه عن الإثارة و التهريج وبدا يتلمس طريق النجاح من خلال مصداقية إعلامية نادرة ونحن ما أحوجنا إلى هذا النوع من الإعلام الالكتروني في زمن ازدياد تأثيره والتحدي الذي يواجه هذا النوع الجديد من الإعلام هو القدرة على فرض الاستقلالية والتحرر من التأثيرات الخارجية ورسم طريق التعدد والحوارات العمومية المتناطحة على القدرة على إنتاج أفكار وليس التسابق على جلد الأشخاص وانتهاك حرمتهم الشخصية بأباطيل .

أجرى الحوار/ محجوب بنسعلي



No comments:

Post a Comment