Tuesday, March 8, 2011

أزلام النظام ينفخون في نار الثورة
الثورة قادمة

وليس من فراغ، بل من واقع ملموس ويزداد حدة يوما بعد يوم، بعد أن عمد أزلام النظام على ضخ المزيد من النار في الفران. إن ما حدث يوم 20 فبراير في الحسيمة تتحمل فيه الدولة كامل المسؤولية وقد راكمت الكثير من الأخطاء القاتلة مذ صبيحة يوم الانطلاق ولا زالت ترتكب نفس الأخطاء. كيف؟ الأمر بسيط جدا لأن كل تلك الأحداث لم يرتكبها أي شخص من يا أيها الناس، بل كان عمل تخريبي مدمر خطط له أزلام النظام في المدينة، ولا يمكن تحديدهم بدقة لكن الحقيقة أصبحت واضحة وضوح الشمس في النهار. لم تحدث أعمال شغب في أي مكان من الإقليم حتى وصلت طليعة المسيرة التاريخية التي انطلقت من ايت بوعياش
 إلى مدخل مدينة الحسيمة، وتعداد المشاركين فيها وصل إلى مائة ألف متظاهر يطالبون بإصلاحات ومطالب اجتماعية وإسقاط حكومة آل الفاسي.
وبعد أن علمت شرذمة النظام والفوضى بدخول المسيرة مدينة الحسيمة قامت القيامة وبدأ المسخرون يشعلون النار في السيارات ويكسرون كل ما يقف في طريقهم، واندلعت الفوضى في المدينة واستبيحت الممتلكات العامة والخاصة كما استباحت ستافيتات القمع أجساد المتظاهرين وأرواحهم بدهس كل من يقف في طريقها.
ولكي نبرهن على أن العملية مخطط لها من اجل إعادة المنطقة إلى الوراء وإعادتها إلى الحظر العسكري المضروب عليها منذ سنة 1956 نأتي على تحليل الأمور التالية:

من الساعة التاسعة صباحا والى حدود الثالثة والنصف زوالا لم تحدث أية أعمال شغب لماذا؟؟؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نستحضر مجموعة من الأمور من بينها أن الريفيين شعب متحضر ويتظاهر بسلمية، وقد شاركت في المظاهرة جميع الفئات العمرية والقطاعات العمالية والأطياف السياسية...
كل المشاركين في المظاهرة لم تكن لهم نية التخريب وإشاعة الفوضى، ولو كانت لهم النية لبدؤوا من باشوية ايت بوعياش وامزورن ومركز الدرك بامزورن ومركز الشرطة بامزورن وكل المؤسسات العمومية من مصارف وشركات
... لكن شيئا من هذا لم يحدث.
وعندما اندلعت أحداث الفوضى انسحب اغلب المتظاهرين الذين قدموا من خارج المدينة حتى اصحب البحث عن سيارة الأجرة من باب المستحيل نظرا لكثرة المنسحبين والذي تذمروا من أحداث تلك الفتنة.
في مقابل استغل بعض الخارجين عن القانون وراحوا يفسدون كل شيء يقف في طريقهم، ويحرقون المؤسسات العامة والممتلكات الخاصة. وقد كان من بين هؤلاء شباب يتحدثون الدارجة المغربية، ويحثون الشباب على الإحراق والتدمير وهنا في الريف لا يمكن لأي دخيل من مدينة أخرى أن يشارك في مثل تلك الأحداث إلا إذا كان مدسوسا أو مسخرا من جهة ما. فالحسيمة ليست هي الدار البيضاء أو فاس...

وقبل أن تندلع أعمال الفوضى كانت كل الشوارع والساحات خالية من القوات العمومية وهذا أمر خطير جدا

، لان التمظهر الأمني يدخل الخوف في نفوس الفوضويين ويوقفهم عند حدهم، لكن إخلاء المدينة من القوات العمومية وكذا سيارات الوقاية المدنية خطأ فادح يتحمل فيه الوالي كامل المسؤولية التقصيرية. وهو المسؤول الأول عن كل تلك الأحداث وكذلك عما سيأتي من أحداث هي في طريقها.

وعندما اتصل الدكتور بودرا بالوالي وجد هاتفه خارج التغطية، وعندما اتصل بمركز الوقاية المدنية من أجل التدخل وإخماد الحرائق أجابوا بأنهم ينتظرون الأوامر

، ولا يمكن لهم التدخل إلا بالأوامر. وهذا بحد ذاته جميل جدا في دولة ديمقراطية. حيث المؤسسات في خدمة الشعب وليس في خدمة الأوامر الفوقية...

وعندما عمت الفوضى أرجاء المدينة خرجت الستافيتات لكي تكرر ما وقع في ميدان التحرير في مصر

، فقد دهست الكثير من المتظاهرين وخلفت قتلى وجرحى ومفقودين لحد الساعة. تم اعتقال الكثير من الشباب واغلبهم لم يفعل شيئا وتم تعذيبهم في كوميسارية الحسيمة وكانت أصواتهم تسمع من الخارج من شدة التعذيب الذي تعرضوا له وقد سمعت أنا شخصيا تلك الأصوات الرهيبة، وهو تعذيب وحشي تخيلنا أنه ذهب مع مسرحية الإنصاف والمصالحة. لكن شيء من ذلك لم يحدث فالتعذيب في المغرب لا زال مستمرا وبكل أنواعه، نفسي وجسدي بدءا بالسب والقذف من قبيل الألفاظ التالية : أولاد لقحاب، الزوامل، أولاد السبانيول، الأوباش شبعتوا الخبز، ماشحال قدني نحوي "ويخرجون أعضائهم التناسلية مهددين بالاغتصاب" من ليوما لفوق تبقاو تجيو للحوسيما ب بسابورتي... في حين ظهرت بعض الألفاظ الجديدة في سلوكات الجلادين في كوميسارية الحسيمة وهي ألفاض نابعة عن حقد وكراهية لأبناء الريف من قبيل: " كان سيدنا كيتهلا فيكوم..." إشارة إلى ما يقوم به الملك عندما يأتي إلى الحسيمة، وهنا نستشف أن هؤلاء الجلادين لا يريدون للملك أن يأتي إلى الحسيمة لأنهم لا يستفيدون من ذلك إلا التعب وساعات العمل الطويلة، في حين أن أبناء المنطقة والمنطقة ككل تستفيد من الرعاية الملكية.

أما التعذيب الجسدي فهو أنكى وأشد فمن

الضرب والركل والرفس والتعليق إلى الماء البارد جدا متبوعا بماء ساخن، والحرق بأعقاب السجائر في مناطق حساسة والتهديد بالاغتصاب وخلع الملابس وأمر الموقوفين بالتغيط في سراويلهم والتبول فيها واستنطاق متبوع بتعذيب جسدي عن كل الأمور وبالأخص عن المعطلين وتحركاتهم وماذا يفعلون ولا يفعلون. وقد انتبهت مؤخرا لجحافل المخبرين الجبناء الذين يقفون بمقابل الكشك الذي أمضي فيه أيام البطالة التعيسة؛ يقفون طويلا وفي مشاهد تدفع إلى الضحك حتى التقيؤ.

و تبقى التهم الموجهة لهؤلاء الشباب غير واضحة، فمن التجمهر الغير المرخص له إلى تخريب الممتلكات العامة والخاصة والإخلال بالأمن العام ووابل من التهم تصب كلها في هذا الجانب، لكن المنطق القانوني يقول بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته
وهنا الكثير من الموقوفين بعد الأحداث إدانتهم الوحيدة أنهم من أيت بوعياش او تامسينت ... وهنا يمكن لأجهزة القمع أن تعتقل كل الذين شاركوا في مسيرة 20 فبراير إن كانت التهمة هي التجمهر بدون ترخيص، أما أعمال الشغب فقد فبركتها أجهزة المخابرات وهي المسؤولة عنها ومن يعلوها في السلك الإداري. ويجب محاكمة تلك الأجهزة على أفعالها الشنيعة وقصورها في ضبط الوضع، لأن فتح مجال الحريات العامة واحترام حق التظاهر واحترام حقوق الإنسان لا يعني إفراغ المدينة من القوات العمومية والقوات الموازية لها، وهنا يجب أن نذكر هؤلاء الأزلام بأن أي مسيرة شعبية في أي بلد ديمقراطي توازيه تواجد أمني واستنفار إلى الحد الأقصى، والخطأ الذي سقط فيه والي الجهة ووالي الأمن وكل الأجهزة الأخرى هي إخلاءهم لكافة الشوارع والمرافق الحيوية في المدينة، وهذه الجريمة تدخل في خانة المسؤولية التقصيرة والإخلال بأداء الواجب، فالأمن لم يتواجد في الوقت والمكان المناسبين لضبط الأمن والمحافظة على الممتلكات وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي، ويجب أن يحال العسكريون إلى المحكمة العسكرية في الرباط لمحاكمتهم على المسؤولية التقصيرية في أداء واجبهم. كما يجب محاكمة كل من ثبتت مسؤوليتهم التقصيرية أيضا في إخماد الحرائق وإسعاف الجرحى وتقديم المساعدة الإنسانية للمصابين الذين اختنقوا بالغاز ، لكن في مقابل أن شيئا من هذا لم يحدث، ماذا نجد؟؟ نجد أن اغتيالات حدثت، وتقتيل الناس في الشوارع ودهسهم بالسيارات المصفحة وتفريق المتظاهرين بالمياه السامة والقنابل والرصاص وجملة من الاعتقالات تطال كل الناس، وفرض حالة الطوارئ في كل المدن رغم أنهم لم يعلنوها في إعلامهم الرسمي، واستفزازات للمواطنين في الشوارع وفي أي مكان وهجوم ومداهمات ليلية على مساكن المواطنين، وسجن وتعذيب وتحقيق ومتابعات وتلفيق التهم وتوزيعها بالمجان. هكذا هو المغرب، الجناة يفلتون من العقاب والأبرياء يؤدون الثمن. لكن إلى متى والى متى سيستمر هؤلاء المسؤولين في النفخ في نار الثورة القادمة؛ من قتل له ابن لن يتراجع ومن اعتقل له ابن لن يتراجع ومن تعرض للتعذيب في كومسارية الحسيمة أو امزورن لن يتراجع ومن تم استفزازه في الشارع لن يتراجع ومن ليس له عمل لن يتراجع وهكذا دواليك، وكل هؤلاء هم شباب الثورة القادمة. وكل شيء متوقف على الزمن وتوفير الشروط والأرضية والأسباب وعندما تقوم الثورة ستسيل انهار من الدم...
وفي خضم هذه الأحداث التي يفتعلها أزلام النظام في الحسيمة وفي عدة مدن مغربية أخرى والذين لهم يد طويلة في كل أعمال الشغب والإحراق التي اندلعت هنا وهناك، قد ارجعوا المغرب سنوات عديدة إلى الوراء وما قرار وزير الداخلية بتفعيل مدونة الحريات العامة الرجعية لخير دليل على ما نقول.
فحق التظاهر مكفول لجميع المغاربة ولا يحتاج إلى ترخيص ولا إلى إخطار كما تنص على ذلك المدونة المتخلفة.
و كان المغرب قد خطى خطوات إلى الإمام فيما يخص حق الإضراب والتجمهر والاحتجاج
... لكن هذه الأحداث المفتعلة أتت على كل هذه المكتسبات وسنرى أين سيُرتب المغرب في ما يخص مؤشر الحريات العامة على المستوى الدولي. لقد كان يرتب أمام العديد من الدول العربية ذات الأنظمة الاستبدادية لكن اليوم سيتراجع كثيرا إلى الوراء، وسيصبح دولة قمع الحقوق والحريات العامة وسيفقد مكانته التي خصته به دول الاتحاد الأوربي، لان الديمقراطيات الغربية لا يمكن أن تعطي وضعا متقدما لبلد يقمع الحريات الفردية والجماعية ويمارس شتى أنواع التعذيب والمحاكمات الصورية وقتل المتظاهرين الأبرياء وإحراق جثثهم وفرض العسكرة على المؤسسات المدنية والدينية وكل الأعمال المخالفة لميثاق الأمم المتحدة فيما يخص حقوق الإنسان. وهذه نتيجة ليس لمن تظاهر يوم 20 فبراير، بل نتيجة للتدبير والتسيير السيئ الذي يتميز به المسؤولين المغاربة.
ولأننا نتحمل مسؤولية أخلاقية وعلمية في ما يحدث لشعبنا فإننا سنعمل كل ما في وسعنا لكي نفضح الخروقات والتجاوزات التي يرتكبها النظام في حق المواطنين وسنعمل على ترجمة هذه المقالات إلى كل لغات العالم لكي يطلع عليها اكبر عدد ممكن من القراء.
وسيعرفون آنذاك ما يقع في المغرب، وسيعرفون صورته الحقيقية وسنكشف كل الأكاذيب التي تروجها القنوات الفضائية الرسمية ومن يلف لفها من صحافة ورقية ومرئية ومسموعة. وقد بدأنا بترجمة هذا المقال إلى اللغة الإسبانية وكذا الإنجليزية وتم نشره في الكثير من المواقع الالكترونية العالمية وسنستمر في فضح هذه الفظائع والجرائم حتى يحاكم النظام أزلامه ويعقل قيود كلابه الهائجة ويعود الشعب إلى حالته الطبيعية ليعيش في أمان وطمأنينة. أما إذا استمروا في النفخ في النار فقطعا ستشتعل يوما من الأيام وستحرق كل الأيادي الآثمة، وستستعصي الأمور آنذاك على الكلاب و الأزلام وعلى النظام بمجمله. لان ما حدث في تونس ومصر وليبيا ويحدث الآن في اليمن والبحرين لخير دليل على كل ما تم سرده من قبل. وما هو ببعيد عن مغرب العام زين.

--------------

* بقلم المتقي أشهار
* كاتب روائي وباحث في قضايا الريف المعاصر



No comments:

Post a Comment