مشروع الحكم الذاتي في الجنوب الشرقي: الأسس والمعيقات؟
-الوضعية السياسية:
السياسة لابد أن نعرف خدعها بالرغم من أنها اصلا خديعة، إن مسار أي عمل سياسي يحتاج الى نظريات وتحليلات من أجل فهمه وفهم افقه وكيف هي انعكاساته على الشعب وعلى المواطن، إن المسار التاريخي للخديعة السياسية لابد أن تنطلق من هنا، من حيث كلمات وأفعال وخطابات سياسية مهدت بالفعل لانتكاسات وانحرافات مجتمعية، كانت ملفاتها مسلطة فقط اتجاه محاولة تمديد الحصار وتمديد ممارسة
الظلم الاجتماعي والسياسي رغم رفع شعارات العهد الجديد البالية والتي لا تزيد الا الأزمة أزمة، لفهم الوضعية السياسية في ما يتعلق بالحكم الذاتي بالجنوب الشرقي، يجب أن نفهم أولا طبيعة الصراع في المغرب عامة، هل هو صراع طبقي بسبب الخطاب الغير المحدود، أم صراع حضاري، تكرسها أقلية عروبية لمجموعة من الفاشيين، بسبب التراكم الرأسمالي (الموريسكيين/تراكم مالي وتراكم علمي)، هذه الاستمرارية لا تحركها إلا أيادي من حديد، استطاعت بفضل علاقات طويلة مع النخبة المخزنية والانصهار الطويل، تشتيت العمل السياسي وتشتيت الحراك الاجتماعي بفعل لعبة سياسية تجعل من الخديعة والمكر السياسي سلاحها الفتاك، لكن بطرح معظم البدائل، وطرحها للعلن وفق تسلسل معين، فهذا البديل لابد أن يكون فيه نتيجة تخدم المواطن وتخدم الجانب الثقافي للمنطقة الجنوب الشرقية هنا، فالوضعية السياسية لن نجد فيها اشكالا لان هناك تراكم نضالي للابناء الجنوب الشرقي اليد الطويلة فيه، فهم وبدون منازع المحركون الاساسيون للحركة الامازيغية رغم محاولة الكثيرين تفنيد هذه الفكرة.
لكن لنمشي في سياق محاولة اعطاء ولو بعض خطوط عرض للوضعية السياسية في الجنوب الشرقي، سنركز بعض الشيء على التاريخ المحلي والوطني، التاريخ الذي يخاف منه البعض لانه يهدد استقرارهم ويهدد مصالحهم، فأي محاولة للرجوع الى الماضي ومحاولة البناء من جديد انطلاقا من تلك النقطة سيزعزع بلا شك كراسي بعض الشيوخ الذين قعدوا وهرموا في هذه الكراسي بدون نتيجة، مجرد أوامر منهم للحسم في ابناء الجنوب الشرقي، فمنذ 1912 وبداية الحرب، بداية الحماية والاستعمال الممضي، كانت القبائل في الجنوب الشرقي تمتاز باتحاديات قوية، تكرس لنوع من الاستقلال في طل كنفدراليات التي اجهظ كل ما يرتبط بها تاريخيا بفعل الاستعمار الفرنسي والتأسيس للدولة اليعقوبية انطلاقا من 1956. وتعتبر سنة 1912 سنة اجهاض المشروع الاستقلالي للقبائل الامازيغية في الجنوب الشرقي، ومنذ ذلك التاريخ أي ما بعد 1912 ووفق النظرية التحليلية، لابد من فهم مشروع ليوطي (الدولة اليعقوبية)، التي تبرز لنا الى الان الثنائيان الذان يحركان تاريخ المغرب، بلاد السيبة وبلاد المخزن، هذه الثنائيات مازالت سياسية المخزن تنهج في ضل تجديد الحصار كل مرة، وانطلاقا من هذه الثنائيات يمكن أن نقول عن بلاد المخزن: – يحمل مرجعية فاسية: ومنها التعالي، العروبة، من عقبة بن نافع، القومية العربية، وخير دليل عابد الجابري بمواقف متطرفة.
أما بلاد السبة، فهي قبائل أمازيغية، لها مرجعياتها التاريخية التعدد اللغوي، لكن تعرضت لمقولة الهيمنة، وصراع من أجل القضاء على قانون أزرف الذي هجم بظهير بربري ممطي من طرف السلطان سنة 1930، وكل هذا فقط لاجلاء البربر.
كل هذا ليس جديدا؟؟ عبر التاريخ المقاومة التي تنبثق من الجنوب الشرقي لها صداها في المغرب الاقصى، فلنا هنا بعض الاشارات التي يجب أن نركز عليها للجواب على كيف تم طرح فكرة الحكم الذاتي في الجنوب الشرقي، هذه الفكرة ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة قدم الانسان، وليس أول مرة، لان الامر يتعلق بتاريخ مقاومة وتاريخ نضال، مهما كانت الظروف التي مرت في الجنوب الشرقي فتحصين الارض والدفاع عنها هي شيء بيولوجي عميق، كان لاجدادنا رؤية تاقبة في هذا الامر، وبمأننا إمتداد لاعضاء المقاومة وجيش التحرير فقد وضعوا لنا الاسس الاولى لفهم معنى الاستقلال وفهم ما هي كرامة الانسان عندما يتعرض للتهميش والاقصاء ويتعرض للضغط والهجوم، يستعمل وسيلة الهجوم من أجل الدفاع، وهذه هي مركز كل المنطلقات التي بني عليها سعي الانسان في الجنوب الشرقي الى المقاومة والنضال من أجل كرامته وتحصين أرضه، ومنه يعمل على وضع حدود ومواقع من أجل تحديد ارضه من أجل الاستقرار، لكن هذه المعادلة تدخل فيها المخزن لفك شفرتها، منذ الحماية، والكلمات التي نريد أن نشير اليها هي كلمات المولى يوسف الى بيتان، الذي أتى لمحاربة عبد الكريم الخطابي كنموذج لجمهورية الريف، ليأتي شباب الريف منطلقا من طنجة من خلال الحركة الثقافية الامازيغية ليعلن الحكم الذاتي في الريف، هذه الكلمات تقول:” خلصونا من هذا المتمرد، لكنها ستعبر عن ارادة سلطانية إذ سيدخل الريف الذي كان يربك العرش منذ الازل تحت سيطرة المخزن، لكن القول الذي يفسر ارباك الجنوب للمخزن كان عندما أبلغ الجنرال غيوم مولاي محمد بن يوسف سنة 1934 أن خضوع الجنوب قد تمم احتلال المغرب، لدى فدور الجنوب ليس سهلا، فقد شكر السلطان الاستعمار والاحتلال الفرنسي حسب رواية الجنرال:” بالشكر لهذا العمل العظيم في خدمة السلام.” أي سلام وأية خدمة؟؟؟؟؟
ثم ليظهر حزب الاحتقلال وشردمته التي تجعل من المغرب ضيعتهم، هؤلاء الموريسكيين، الذين نهجوا منذ 1930 بنخبتهم الفاشية، منطلقا من استغلال الدين خوفا من مشروع تحرير شمال افريقيا، تحث قولهم الحركة البربرية، هذا الاستغلال السياسي كان خدمة للملكية وكان ذلك ما بعد 1956، لكن منذ معركة بوكافر سنة 1934 كانت استراحة منطقة الجنوب الشرقي ما بعد المعركة الى حدود 1956 ظهور المناضل عدي أوبيهي، لكن النخبة المركزية كان له قول أخر بتبني مشروع ليوطي التي ورث للملكية،
محمد العناني
No comments:
Post a Comment