Wednesday, December 29, 2010

هكذا ستسقط الملكية في المغرب
(ثلاثة أجزاء)

الجزء الأول
السبت 13 نوفمبر 2010
وكما جرت العادة بذلك،كلما ذكر أحدهم-المخزن- في حضرتك،ما عليك إلا أن تحكم القبضة على أنفك،درءا للرائحة العطنة التي أضحت تفوح من جسد هذا النظام المترهل ،الذي أوشك على السقوط،وهذا السقوط لن يكون لا على أيدي الإسلاميين كما تروج لذلك الآلة الدعائية المخزنية-عن قصد-ولا حتى على أيدي اليساريين -الراديكاليين-أو العدميين،ولكن بساطة..ستأتيه سكرات الموت من تخوم الصحراء،وأولى الدلائل برزت بما لا يدع مجالا للشك غداة فض مخيم-إيزيك-فهذه الدولة التي لا تفقه غير لغة القمع والتعذيب،اضحت هذه الأيام تحفر قبرها بيديها الملوثثين بدماء الأبرياء،والأمر لا يخص فقط الصحراء،بل يعني كل المحتجين على امتداد التراب الوطني، فهذه الدولة الطاغية التي ثلوث آذاننا يوميا بخطابات مهلهلة من قبيل-الإنصاف والمصالحة-وعدم تكرار ما جرى أيام سنوات الرصاص المشؤومة، تسكر فجأة وتفقد وعيها ورشدها بعيد خطاب الملك ليوم 6 نونبر، هذا الخطاب الذي لا محالة سيدخل تاريخ التدخلات العنيفة في حق المواطنين وبأمر من-الجناب الشريف لجلالته-كما حدث مع سلفه
 حينما تفضل-جلالته رحمه الله-وأطلق لقب-الأوباش-على جموع المغاربة الغاضبين من ملكهم أو -مالكهم-وخدامه ولصوصه...ذنبهم الوحيد أنهم أرادوا عيشة كريمة بعيدا عن الذل والإهانة والاستعباد العلوي الحسني المقيت، حتى كدنا نصدق اليوم أن الذل والاحتقار قدر المغاربة في مغربهم إلى يوم البعث،وهو ما سيفضي في النهاية إلى أن المواجهة مع هذا النظام الفاسد ، ستكون حتمية حتى ولو مع الحفيد السادس عشر للحسن الثاني، مادام برنامج هذه الدولة قائم بالأساس على استعباد المحكومين وإن بطرق-حداثية عصرية-ومكياجات وألوان زاهية...وأيضا أن هذا النظام لم يستطع التطور مع الواقع والتاريخ ولم يستطع التطبيع مع الديمقراطية، مادام النظام نظام ملكية عتيقة قائم على -الملك..الآلهة-والمواطنين -الرعايا..العبيد-بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني الإذلال والعبودية القسرية، ما جرى هذه الأيام في مخيم-العزة والكرامة-بالصحراء،دليل يستحق الدرس والتحليل في أن موت الدولة العلوية سيكون بطعم صحراوي لا محالة.
سأقترح عليكم أولا لمباشرة الموضوع،تقسيم المغرب إلى ثلاث مناطق مؤثرة في مستقبل الدولة..منطقة الشمال والريف..ومنطقة الوسط ومنطقة الجنوب..لنبدأ بالحركات الاحتجاجية الممتدة إلى كل أطراف المغرب، فهذه الحركات تقابلها الدولة بقمع شرس، خصوصا في الهوامش.. أي في المدن البعيدة عن مركز السلطة، وهي بذلك تذكر المحتجين بين الفينة والأخرى أنها لازالت دولة مركزية وأن الحل والعقد لن يأتي إلا من مركز السلطة أي القصر.. مما ولد حقدا دفينا لدى المغاربة عن القصر وساكنيه وليس على السلطات المحلية، لأن هذه السلطات المحلية لا صلاحيات لها إلا كنس الشوارع وتزفيت الطرقات واختلاس ميزانيات التبليط وعقد الصفقات المشبوهة، فمن يستطيع اليوم والأمس والغد ووفق منطوق الدستور المغربي، حل مشاكل المغاربة ، ليست السلطات المحلية بالتأكيد.. أو الحكومة.. أو غيرها.. بل الملك ولا أحد غير الملك.. وهو ما ولد ميلا سيكولوجيا لدى المغاربة إلى ما يمكن تسميته -مركزية الدولة-القهري.. خصوصا في تدبير شؤونهم المحلية، بينما الدولة أو بتعبير آخر-الملك- لايريد هذه المركزية، بل يريد مركزية الحكم والإنفراد به وتوزيع ثروات البلد وفقا لما يضمن مصالحه واستمرا نظامه، وليس تدبير اليومي للمغاربة، وهذه المركزية التي يحلم بها النظام لا وجود لها بتاتا في علم السياسة،وهي اختراع مخزني محض،بل حتى ميكيافيلي لم يفتي بهكذا -حكم-ذي النزوع المافيوزي، إن ادراة محايدة للمناطق الثلاث التي اقترحتها عليكم، أي الشمال والوسط والجنوب، سيتبث أن الخطر اليوم الذي يتهدد كيان الدولة العلوية،سيكون قادما لا محالة من الجنوب أو الصحراء،وبدرجة أقل من الريف..أما الوسط أي محور الرباط والغرب والدار البيضاء،فهناك العديد من العوامل تحول دون قيام ثورة شعبية تستهدف النظام مباشرة، أولا هناك مستوى معيشي متوسط.. ثم هناك أيضا إحساس عام من لدن سكان الوسط بأن أفضل مستوى عيش في المغرب هو ما يوجد في وسط البلاد بالضرورة،وأن باقي المناطق لا توفر إلا البؤس المذقع لذلك هناك-أمل كاذب- يترسخ في نفوس ساكنة الوسط بأن غدا أفضل يمكن التمتع به والحلم به في المستقبل القريب وهي نفس الأكذوبة التي تروجها الدولة بالنسبة لمواطني المغرب ككل، ثانيا هناك إحساس كاذب آخر بأن أفضل استقرار سواء على مستوى المصالح المتشابكة التي نسجتها الطبقة المتوسطة والبورجوازية المستقرتين في الوسط، أو على مستوى حماية هذه المصالح هو ما يوجد الآن، وبالتالي فإن أول هدف لساكنة الوسط هو الحفاظ على هذا-الاستقرار الكاذب- نيابة عن الدولة...
بصمت وتواطؤ وجهل هذه الساكنة حماية لسراب هش اسمه-الاستقرار-وهو نفس ما تروجه الدولة ومعاونيها، لذلك فترويج مصطلح- الاستقرار-في الإعلام المخزني يعادل ترويج مصطلحات من قبيل-الأوراش الكبرى والتنمية البشرية والديمقراطية والمشروع الحداثي لجلالة الملك-وهذه كلها مصطلحات تؤدي وظيفة سيكولوجية- ضبطية للسلوكات البشرية-أكثر منها مصطلحات سياسية وظيفية ، وسأقتصر فقط على هذين المؤشرين بالنسبة للوسط. وترقبوا مؤشرات جهتي الشمال والجنوب في غضون الأربعة أيام القادمة

محمد علال الفجري-

هكذا ستسقط الملكية في المغرب

الجزء الثاني
أما بالنسبة للشمال أو الريف، فبالرغم من تجنيد المخزن لبعض البورجوازيين المتأخرين، أي أولئك الذين كانوا كادحين في بداياتهم وكدسوا الثرواث وحازوا النفوذ، عبر المتاجرة بانتماءاتهم اليسراوية، عن طريق التحلق حول الملك الجديد بغية ترويج فكرة، أن معارضي الحسن الثاني، يباركون اليوم خلفه محمد السادس لإغراء المغاربة المتعاطفين مع رموز وقيم اليسار السبعيني، وهو ما فشل فشلا ذريعا، نظرا لفشل المخزن في اختيار شخصيات يسارية كاريزمية وذات مصداقية،واقتصاره على جماعة عرفت بالانتهازية حتى داخل تنظيماتها السياسية زمن السبعينات، وأيضا اقتصاره على اختيار وجوه هامشية غير معروفة لدى المغاربة ولا تستطيع إقناع 4 أشخاص إذا ما أضربوا أو احتجوا على الدولة بالعدول عن إضرابهم، ولكم في إلياس العماري والحبيب بلكوش وحرزني وبنشماس واخشيشن وغيرهم من -عصابة العهد الجديد- خير مثال، ناهيك عن العديد من الجمعيات الإسترزاقية والتي تتلبس جلباب-التنمية-وتمول من صناديق الدولة السوداء، مهمتها الأساسية هي ترويج-كلام طيب-عن الشاب محمد بن الحسن،المخلص الوحيد للريفيين من قهر المخزن والشاب الذي جاء ليمحو آثار وجرائم والده، لكن هذا الشاب نفسه نسي أن-الطيبوبة- وحدها لا تكفي لحل مشاكل الشعب، وأيضا أن الكلام الجميل والمنمق الذي يتفضل به في خطبه، لا يرد الاعتبار للريفيين ولا يقدم ولا يؤخر، مادامت الأفعال هي التي أهانت الريفيين وبالتالي الأفعال هي التي ستعيد الكرامة والاعتبار لهذه المنطقة وليس-الكلام الطيب والخطب العصماء-لذلك فإن من سنسميهم-يساريي البلاط-فشلوا في مساعدة محمد السادس على قتل الروح اليسارية، المعارضة الشرسة لنظامه هي وبعض الجماعات الإسلامية وأقصد-جماعة العدل والإحسان-وهذين التياران لم ينجحوا في إفشال مخططات العهد الجديد، ولكنهم نجحوا إلى حد ما في عرقلته، ولذلك تبقى احتمالات قيام ثورة في الريف ممكنة الحدوث، لكنها لن تكون فعالة إلا إذا انضم إليها الوسط ، وهو ما يبدو صعبا بعض الشيء، لاعتبارات عديدة قد نوردها في سياقات أخرى، وسنقتصر على ذكر ما يمكن وصفه ب-الرابطة العاطفية الهشة-بين المخزن وسكان الوسط،نظرا لتواجده الدائم بينهم وإقامته وسطهم أيضا،حتى أصبح مثل -الأخ الأكبر-يمكن تأنيبه وحتى تجريحه، لكن لا يجوز قتله. أما الصحراء أو الجنوب.. فلا رابطة تجمع المخزن مع أهالي الصحراء سواء أكانت عاطفية أو قبلية، فقط هناك -روابط مصلحية- يمكن الإخلال بتعاقداتها في أي لحظة، إذا ما مُست مصالح الأعيان هنالك، وأيضا إذا ما طمع الأعيان في المزيد من المكاسب والخيرات.إن الصحراء ستظل دوما الخطر الحقيقي الذي يتهدد وجود الملكية في المغرب،اليوم وغدا وفي العشرين سنة القادمة، فبقراءة متأنية للواقع، يمكن وبلغة اليقين.. أن نجزم بأن حل قضية الصحراء ، لن يتحقق في أفق العشر سنوات المقبلة بالتأكيد، وبيقين أقل، فإنها لن تُحل حتى في العشرين سنة القادمة، لأسباب جيوستراتيجية تهم الأطراف الأربعة المعنية مباشرة بالموضوع وهي موريطانيا والجزائر والمغرب بالإضافة إلى ليبيا بشكل أو آخر، دون نسيان الدول الأساسية في هذا الصراع .. وهي فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة، إن الخسائر التي يتكبدها المغرب يوميا في ظل هذا الوضع، تبدو كارثية وثؤثر على حاضر ومستقبل باقي سكان المغرب، وهذا الثأثير السلبي والذي يضع الملكية في قفص الاتهام من طرف المغاربة ، لانفرادها المطلق بتدبير كل شيء في البلاد، مما سيدفع بالأسرة الملكية الحاكمة إلى تحويل الأنظار عنها والبدء من جديد في تعبئة المغاربة حول الملكية أوبتعبير آخر.. إنها عملية-إعادة شحن للبطارية-وذلك عبر المغامرة في شن حرب خاطفة على الجزائر لا تتجاوز 8 أيام على أقصى تقدير، إن هذه الحرب الاستطلاعية التي يتهيأ لها المغرب،وستكون بمبادرة منه، هي حرب لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة وأيضا لاختبار مدى تلاؤم خطاب الجزائريين الثوري ضد النظام المغربي ،مع رد فعلهم العسكري ضد المغرب،إنها ببساطة-فكرة ملك-وهي فكرة متهورة في كل الأحوال، ومن جهة أخرى.. إن الجزائر لا ترغب في حرب خاطفة غير محسومة النتائج، بل هي تطمح في حرب طويلة الأمد، أي-الحرب الإستنزافية-وهي حرب سيخسرها المغرب بكل تأكيد، لأسباب عديدة أولها أن إمكانياته التسلحية مترهلة وضعيفة مقارنة مع الجزائر وأيضا الغليان الشعبي الداخلي الذي لا يمكن التحكم فيه عند تبادل إطلاق أول رصاصة بين المغرب والجزائر، إن حاكم المغرب يعلم أكثر من غيره أنه إذا أراد مهاجمة الجزائر، فعليه انتظار صعود الجمهوريين إلى منصة حكم الولايات المتحدة الأمريكية،والجمهوريين هم من أكثر المغازلين للنظام المغربي بخلاف الديمقراطيين بزعامة باراك أوباما.. هذا الرئيس الحذر من حاكم المغرب، والمتجاهل لدعوات محمد السادس بزيارة المغرب أو حتى النطق بعبارات مغازلة و-مؤيدة-للنظام المغربي.. إن كل هذه العوامل والمعطيات تجعلنا نعتقد بيقين صادم، أن-السرطان- الذي سيشل الملكية في المغرب، لا يوجد في الخارج بل في الداخل، إنه ببساطة.. الصحراويين بشتى أصنافهم، فالصحراويون الوحدويون ، ضاقوا ذرعا بفساد نظامهم الملكي وممثليه، والصحراويون من ذوي النزعة الإنفصالية، لايريدون العيش في دولة يحكمها رجل وأصدقاؤه بدون إشراك الشعب ، ويعاينون عن قرب واقع الشعب المغربي مع نظامه، وهذا أصل المشكل الذي دفع بالوالي السيد ، مؤسس جبهة البوليزاريو بالإتجاه نحو تيندوف هو ورفاقه وليس أي شيء آخر.. إن مشكلة الصحراء نشبت لأن الشباب الصحراوي آنذاك ومن بينهم الوالي السيد ، طلبوا غير ما مرة مقابلة الحسن الثاني، لمدهم بالسلاح لتحرير الصحراء من يد الإسبان، وبعد ذلك كانوا يصرون على حكم أنفسهم بأنفسهم وليس الإنفصال، أي الحكم الذاتي-لكن التجاهل والتعالي العلوي كما العادة ، دفع بهم إلى طرق أبواب أخرى آمنت بعدالة قضيتهم ورغبتهم في التحرر من الاستعمار الإسباني ، وكان طبيعيا بعد كل هذه التصرفات-الملكية- أن تُنمى درجات الحقد على النظام المغربي...
إن الخطر الذي يتهدد الملكية اليوم، هو أن تتنامى الحركات الاحتجاجية ذات الطبيعة الاجتماعية في منطقة الصحراء، وهو ما سيفضي أوتوماتيكيا إلى تحالف طبقي بين الطبقة الصحراوية الوحدوية المقهورة مع الطبقة الإنفصالية التي ذاقت القهر قبل تأسيس جبهة البوليزاريو، وتأسيس هذه الجبهة كان نتيجة مباشرة لقهر المخزن للصحراويين، كما لا يمكن النفي أبدا ، بأن من الوارد جدا وأمام -عنجهية النظام المخزني- ضد الوحدويين في الصحراء، أن تتأسس جبهات أخرى تنادي بشعارات ومطالب لن تزيد النظام الملكي إلا تفكيكا وهشاشة..
إن العدو في نظر الوحدويين الكادحين والصحراويين الإنفصاليين هو عدو واحد ومختصر جدا وإسمه-الملكية- وما حدث خلال فض مخيم العزة والكرامة يبين بوضوح أن الصحراويين بصنفيهما لا يحتفظون بأي -ود-تجاه الملكية، إنهم مثل-شيعة العراق- يشعرون يوميا أنهم مستعبدين ونصف مواطنين، وهم خائفون فقط من انفراد المخزن بهم، إنهم حالما سيدركون أن الصحراويين الإنفصاليين قادرين على -صفع الأسد- والعودة إلى خيامهم، فإنهم لن يترددوا في الإنضمام إليهم ولو تحت اللثام والعباءة الصحراوية المغربية، إن الملكية ستسقط عبر حرب بين المغرب والجزائر، تذكيها ثورة داخلية ستنشب من الصحراء، وسيتحالف الوحدويون مع الإنفصاليون ضد الملكية في نهاية المطاف، بعد أن تنتقل ثورات شعبية مصغرة في كل ربوع المغرب خصوصا في الريف والجهة الشرقية، لينضم إليهم في الأخير الوسط، أي ساكنة محور الرباط والدار البيضاء إلى حدود منطقة الغرب، إننا نخلص في الأخير إلى أن الجزائر هي قدر المغرب الذي لا غنى عنه إلا بدمقرطة النظامين أوسقوطهما معا..إن الجزائر نظام فاشي عسكري انقلب على الديمقراطية وذبح آلاف الأبرياء من الجزائريين جراء صدمة صناديق الإقتراع ، التي أفرزت اختيارا إسلاميا بزعامة عباس مدني يعاكس -جمهورية جنرالات الدم-، والمغرب بدوره.. نظام ملكي مافيوزي يشبه إلى حد بعيد النظام الجزائري في تعامله الهمجي مع شعبه ومع مصطلح إسمه-الديمقراطية- إن هذين النظامين أمامهما اختيار واحد ووحيد، إما الدمقرطة أو السقوط.. إنهما سيقتلان أنفسهما بأنفسهما عبر غضب مواطني البلدين...
في الأسبوع المقبل ترقبوا الجزء الثالث والأخير.. والذي سنتطرق فيه إلى حقائق صادمة عن مخيم العزة والكرامة واحداث العيون، ومزاعم الدولة المغربية بخصوص ادعاءاتها بعدم إطلاق الرصاص خصوصا في العيون.. وهل فعلا من ذبحوا وتبولوا على جثث القوات العمومية انفصاليين أم صحراويين مغاربة؟؟ تحليل صادم ومتجرد نهائيا عن مزاعم الدولة المغربية كما لم تطلعوا عليه من قبل وفي كل الجرائد المغربية حتى الآن.
إشارة لابد منها: ليعلم القراء الكرام أنني لم ولا أتبنى أي أطروحة بالنسبة لمشكلة الصحراء، بمعنى أنني لا أتبنى أطروحة البوليزاريو كما لا أتبنى أطروحة بلدي المغرب، كل ما هنالك أنني أتصرف كمواطن حر، من الواجب عليه أن يتبنى رأيا متجردا عن أي طرف، ورأيي معروف وهو أنني أتبنى الرأي القائل ببحث الأطراف المتنازعة عن الصحراء عن حل يرضي الطرفين والتفاوض الصادق كفيل بإيجاد حل ديمقراطي يرضي الطرفين، وهذا ما يؤيده العالم أجمع والمنتظم الدولي والأمم المتحدة.. لكن على المستوى السياسي الداخلي، فإنني أنبذ هذا النظام المخزني نبذا كليا... ومن يعرف دولة فوق الكرة الأرضية، دولة تؤيد المغرب رسميا بقولها إن -الصحراء مغربية- باسثتناء السعودية والبحرين فلينورني بها !!!

محمد علال الفجري-


هكذا ستسقط الملكية في المغرب

الجزء الثالث والأخير
ما حدث في مخيم " العزة والكرامة " ، يستحق منا أن نحلله تحليلا علميا دقيقا ،بعيدا عن العاطفة والشوفينية الوطنية الضيقة ، إنني لم أقرأ لحد الآن تحليلا منطقيا ومتجردا عن الولاء والتملق للمخزن ، لما حدث في العيون .
إن الحقيقة الساطعة هي أن مخيم " اكديم إيزيك " ، بدأ بمطالب اجتماعية ،لكن تعامل المخزن وتعنته ولغة التعالي التي نهجها مع النازحين ، كانت سببا في غضب المحتجين وارتفاع نبرات المعارضة لديهم إلى حد تخيير النظام المغربي ، بين أن يكون عادلا وديمقراطيا مع الجميع ، أو الانفصال عنه .
إننا أمام بؤرة متوترة اسمها الصحراء الغربية ، قادرة في أي لحظة أن تُسقط الملكية من على عرشها كأي نمر ورقي ،وكأنها لم تكن ،فالوحدويون في الصحراء وأمام استبداد المخزن ، يمكن في أي لحظة أن يغيروا قناعاتهم ،بل ومعرضون أكثر من غيرهم لأن يتحولوا إلى انفصاليين ثوريين أكثر ثورية من أولئك اللاجئين في تندوف .
والسبب وراء ذلك ، هو انعدام العيش الكريم والعدالة الاجتماعية ، وكل ذلك لا علاقة له بأي تدخل خارجي كما تروج لذلك الآلة الدعائية المغربية وخدامها ، إن الوحدويين يدركون أكثر من غيرهم ،أنهم يقطنون في أراض متنازع حولها دوليا ،لذلك سيتحولون إلى ساكنة " براغماتية " أكثر " براغماتية " من المخزن نفسه ، إنهم سيساومونه كل ليلة على حريتهم وعلى كرامتهم وعلى العدالة الاجتماعية والديمقراطية،أو يرفعون في وجهه يافطة الانفصال .
وهذا ما يشكل بالنسبة للمخزن المغربي أبشع كابوس يمكن أن يهاجم غفوته ، لسبب بسيط ، وهو أن الملك محمد السادس معروف عنه أنه" ملك عنيد " ، وسبق له أن صرح أنه " لا يقبل الضغط من أي جهة " ، بل وأعتقد أنه مستعد لخوض حرب خاسرة بل ومدمرة لشعبه من أجل أن يثبت لخصومه أنه " رجل عنيد وقوي الشكيمة " ، وهذه الصفات لا يجب أن يتميز بها رجل الدولة الحقيقي ، على اعتبار أنه يسير دولة وشعب ولا يسير ضيعة أو شؤون سائقين خاصين لديه .
إن الدولة حينما قتلت الطفل ، الناجم الكارح ، لم تقتله لأنه كان برفقة أصحاب سوابق في السرقة وحاولوا اقتحام المخيم كما زعمت ، بل قتلته لأنه كان برفقة شباب ثائر يريد تصعيد الاحتجاج من داخل المخيم ، وهو ما كانت الدولة مستعدة حتى لارتكاب " جريمة سياسية " من أجل تفاديه ، بما فيها اغتيال طفل في 14 من عمره .
إذا قارنتم رواية الدولة المغربية بخصوص مقتل الطفل الكارح واعتقال مرافقيه خصوصا الشاب الملقب بـ " الدجيجة " ، مع رواية عبد الإله بنكيران زعيم حزب " العدالة والتنمية " ، والمقرب جدا من الدولة ،حينما قال في حلقة برنامج " حوار " ، إن " الدجيجة "معروف بمساندته للبوليساريو ،سيبطل العجب ، وستصبح مزاعم وادعاءات وأكاذيب الدولة بخصوص سوابق " الدجيجة " في السرقة ، ما هو إلا هروب إلى الأمام وعذر أقبح من الزلة ، فالدولة ومن يمشي في فلكها عليهم أن يجيبوا على هذا السؤال : لماذا قتل الدرك الملكي الطفل الكارح واعتقل الدجيجة ومن معه ؟ هل لأن هؤلاء مؤيدون للبوليساريو أم لأن أحدهم معروف بسوابقه في السرقة وقام باقتحام الحاجز الأمني ؟ . وأترك لكم التعليق على ورطة الدولة المغربية وتفاهة تبريراتها وأكاذيبها .
لننتقل إلى مستوى آخر ، عرض هذه الأيام شريط فيديو يبدو فيه شاب قوي البنية يقوم بنحر عنصر من القوات المساعدة ، وآخر يتبول على جثة عنصر من الوقاية المدنية ، وهذا الشريط أعدته الأجهزة المغربية التي كانت تراقب فض المخيم بالمروحية . بقراءة متأنية وغير متسرعة وغير عاطفية أيضا ، وبغض النظر عن استنكارنا لهذا الفعل الشنيع والمنافي لكل القيم الإنسانية ، يبدو لنا الشريط المعلوم " جزءا من الحقيقة فقط " ، وليس كل الحقيقة ، حقيقة جد مبتورة .
لكن دعونا نطرح بعض الأسئلة التي ستعكر لا محالة مزاج الدولة المغربية ، لماذا لم يتبول أو يذبح هؤلاء الذين ظهروا في الشريط إياه المدنيين المغاربة أو النازحين ؟ على اعتبار أن الدولة رددت غير ما مرة ، أنها استعملت القوة العمومية لتحرير النازحين من أيدي الانفصاليين . هل يعقل أن يصل رد فعل المحتجين إلى حد ذبح مخزني والتبول على إطفائي وقتل آخرين منهم ، فيما الدولة تدعي أنها لم تستعمل الرصاص وفضت المخيم سلميا ؟ .
طيب ، لمن تتبع تلك القوات الخاصة التي كانت ترتدي الأقنعة وتطارد المحتجين في شوارع العيون وتطلق في اتجاههم الرصاص الحي ، والتي تبدو مشاهد تلك المطاردات في إحدى الأشرطة التي صورها أحد المواطنين عبر هاتفه النقال وموجودة على " اليوتوب " تحت عنوان " الرصاص الحي في العيون " ؟ .
الرصاص الحي ، لم يستعمل في المخيم ، ولكن استعمل قمع وحشي بـ " الزروايط " داخل المدينة ، واستعملت قوات التدخل السريع التابعة للدرك الملكي ، الرصاص الحي ضد المحتجين ، ومن الغباء طرح أسئلة بليدة ، كتلك التي تروجها المخابرات المغربية وبعض الصحف المحسوبة عليها من قبيل ، أين الجثث ؟ لأن إطلاق الرصاص في حد ذاته ، هو ترويع وإرهاب وإطلاقه من طرف الدولة كان لترهيب وتفريق المحتجين وليس لقتلهم .
هناك حقيقة واحدة اليوم ، ولا يريد المخزن وخدامه تصديقها ويعمل على تزييفها ، هي أن مخيم " اكديم إيزيك " ، هو مخيم مغاربة احتجوا على تدهور أوضاعهم الاجتماعية ، وبلغ بهم " الحقد "على هذا النظام حد ذبح من يرمز إليه ، أي" المخزن " ، لقد تبولوا على إطفائي وقتلوا أكثر من عشرة عناصر من القوات المساعدة ، لأنهم يريدون تمرير رسالة واضحة إلى المخزن ، وإلينا نحن إخوانهم في الريف والشمال والوسط ، مفادها أن هذا النظام يستحق الذبح من الوريد إلى الورد، وهذا النظام يستحق" التبول " عليه وهو ميت وعلى كل من يرمز له .
تلك هي الحقيقة الساطعة التي على ثوار المغرب ومواطنيه الأحرار أن يقرؤوها بتبصر ودون أن يقعوا في الفخ الذي نصبته لهم الدولة المغربية في الشريط المعلوم ، إن الدولة لم تكشف عن تدخلها المريع ضد المواطنين الصحراويين والذي كان الذبح والتنكيل بالجثث هو الجواب عنه من طرف النازحين .
إن أفظع حقيقة يحاول المخزن وأبواقه ، أن يدفنوها إلى الأبد ،هي حقيقة أن مخيم " العزة والكرامة " ، مخيم ثوار مغاربة أقحاح ، واجهوا المخزن بكل الحقد والبغض الذي عشش في صدورهم نتيجة القهر والاستعباد والظلم الذي مورس عليهم وعلى باقي المواطنين في كل ربوع المغرب ، والدليل على أن كيان الملكية ارتج ارتجاجا عنيفا ، هو دعوته كما جرت العادة إلى مسيرة وطنية تعيد له بعض الأمل في " الإجماع الوطني " المزعوم ، ومحاولة تمرير رسالة إلى كل مواطن مغربي غير راض عن ملكه ،بأن أكثر من 3 ملايين مع الملك ، وما عليه إلا الانضمام إلى جوقة المطبلين .
خذوا مثلا العنف الذي تستعمله القوات العمومية في الوسط ، أي في الرباط والدار البيضاء خصوصا ضد المعطلين والناشطين الحقوقيين ، ولو مارست هذا القمع في الصحراء كما تمارسه اليوم في الوسط ، لاستفقنا كل يوم على عناصر من تلك القوات العمومية مثل غنم مذبوحة أو مقتولة ، إن خطأ الدولة هو أنها تعاملت مع المطالب الاجتماعية واحتجاجات الصحراويين باستخفاف كبير لا يماثله إلا الاستخفاف الذي تبديه مع سكان الوسط والشمال وهذا مصدر العداء الرهيب للدولة من طرف الصحراويين .
إن أي دولة في ربوع العالم تحترم نفسها وشعبها ، لا يمكن أن تفكر حتى التفكير في فض مخيم لمحتجين ، مطالبهم ذات طابع اجتماعي بذاك الشكل الرهيب وبذاك التهور المقرف ، إلا دولة من مثل المغرب ، فمخيم " اكديم إيزيك " ، كان تعداده أكثر من 25ألف مواطن ومواطنة ، درجات غضبهم من المخزن عالية جدا ،جائعون وبدون سكن قار ولا عمل مشرف .
لو كان بإمكان المحتجين أن يحملوا الأحزمة الناسفة ويفجروا أنفسهم في وجه القوات العمومية ، لا أن يرجموها بالحجارة ويذبحون أحد عناصرها بالسواطير فقط ، وحينها لن تقول لنا الدولة وبخستها ووضاعتها المعهودتين ، إن هؤلاء مجرد شرذمة من " الإرهابيين " ، ولم لا محسوبين على تنظيم القاعدة كما تزعم اليوم أن المحتجين والثوار الصحراويين محسوبين على البوليساريو بل والجزائر أيضا .
إن أبجديات التدخلات الأمنية وفض المظاهرات في العالم أجمع ، في الجيش كما في الأمن ، وحول فض مخيم يتكون من 25ألف مواطن فيهم النساء والأطفال والشباب الثائر ، لا يمكن حدوثها دون ارتكاب مجزرة ، وهو ما حذرنا من وقوعه في مقال إخباري لنا هنا على " مرايا بريس " ، وهو ما حدث فعلا بعد أيام من صدور المقال المشار إليه ، وأن الدولة لم تستعمل السلاح في مخيم " العزة والكرامة " ، وكانت الحصيلة قتلى في صفوف القوات العمومية ،ولم تستعمل السلاح لأنها كانت تعلم أن المخيم هو مخيم مغاربة وحدويين غاضبين من هذا النظام ، وقد يتلفظوا بأي شيء مقابل استرداد كرامتهم المهدورة،بما في ذلك رفع شعارات الانفصال عن المغرب .
ومثلما حدث في العيون يشبه إلى حد كبير ما وقع مع النازحين الذين فروا من وجدة ، وهددوا بالالتحاق الجماعي نحو الجزائر إذا لم تنفذ الدولة المغربية مطالبهم الاجتماعية ، وحينها لن تجرؤ الدولة على وصمهم بالانفصاليين ، ببساطة ، لأن عددهم كان قليلا ولم يكن يتجاوز المائة ،ولأنها تعتقد أن مائة محتج يمكن احتواؤهم فيما 25 ألف يبدو من سابع المستحيلات.
ولأجل ذلك أيضا منعت الصحافيين الأوروبيين من الولوج إلى المخيم غداة تدخلها العنيف جدا ، بل ولأنها كانت تنوي استعمال العنف الهمجي ضد المحتجين ، فإنها أقفلت مكتب قناة " الجزيرة " ، قبل ارتكاب جريمتها بأيام حتى لا تنحط صورتها أكثر أمام كاميرات وتحليلات القناة القطرية التي لا تغازل المغرب وترفض إغراءاته ومساوماته.
إن حقيقة أخرى لا تقل رعبا عن رسالة الصحراويين إلى الملكية ، ينبغي وضعها في الاعتبار ، خصوصا في اعتبار مواطني هذا الوطن وأحراره التواقين إلى التغيير الجذري ، وهي أن العديد ممن يلعبون على المغاربة دور " المعارضة " ، ظهروا على حقيقتهم وكشفوا أوراقهم وانفضحت أدوارهم القذرة التي طالما أخفوها عن الشعب وبدا حالهم كحال " عاهرات الرصيف " اللواتي يعرضن ويتفنن في إبراز مؤخراتهم في المزاد لمن هو مستعد للدفع أكثر .
إن هؤلاء " الذيليين " الذين خانوا الشعب ، وخونوا إخوانهم الصحراويين الغاضبين من ملك المغرب ومؤسساته ، وألبسوهم رداء الانفصال عنوة ، حتى يزيحوا عن ثورتهم جلباب الانتماء إلى هذا البلد العظيم المسمى مغربا ، إنهم ومخزنهم لم يكونوا مستعدين بتاتا للاستيقاظ على وقع ثورة مغربية صحراوية قحة ، تبصق على جميع المخزنيين وتتبول على جثث من يرمزون إليهم ، إن مريدي المخزن فضلوا الاقتيات على " فضلاته وزبالته " وانحازوا للذي يملك السلاح والجيش والمال وخانوا وخونوا إخوانهم الصحراويين الجوعى ، المعطلين ، المعدمين والمقهورين .
لقد وصموهم بالانفصال لتصفية ثورتهم التي لا محالة ستخلد في سجل ثوار المغرب الصحراوي ، لقد كانت مطالبهم بسيطة في ظاهرها ،لكنها هدامة بالنسبة للمخزن وحلفائه ،لقد كانوا يطالبون بالعيش في وطن حر وديمقراطي ودون استبداد علوي ، إن طبقة خونة الشعب ونضالاته تجسدت رسميا وأمام الملأ في الأحزاب المغربية وعند المثقفين وبعض المنظمات الحقوقية المقربة من الدولة ، إن هؤلاء هم أعداء الثورة وأعداء الحرية وأعداء الديمقراطية ، إنهم بترديدهم مزاعم المخزن وأكاذيبه ، تواطؤا رسميا ضد الشعب المغربي ، ولم يعد لأي أحد منهم الحق في الإدعاء بأنهم يعارضون النظام أو هم مع الشعب أو مع الديمقراطية ، لقد سقط القناع عنهم جميعا .
وتجسدت حقيقة ثالثة بعد الحقيقتين الاثنتين ، اللتين ذكرناهما سابقا ،حقيقة ألا أحد سيحرر المغاربة من بطش الملكية غير الطبقة الكادحة والمعدمة والمظلومة والمستقرة في تخوم الصحراء ، والتي إذا ما نقلت ثوراتها المقبلة ، قنوات الإعلام الدولي إلى باقي المغاربة ، فإنه لا محالة من انضمام مغاربة الريف والوسط إلى ثورتهم التي يعلم النظام أكثر من غيره ،أنها آتية لا محالة ، بعد أن كان ينام على جنب الراحة قبيل ساعات من اندلاع أحداث العيون .
إن النظام المغربي لم يشهد انحطاطا ونذالة أكثر من تلك النذالة التي عبر عنها غداة أحداث العيون ، حينما أنكر على الصحراويين غضبهم من نظامه ونسبها إلى تدخل الجزائر تارة وتارة أخرى إلى البوليساريو ، والخطير في الأمر أن الجزائر سايرت المغرب وزعمت أن مخيم " العزة والكرامة " ، هو مخيم انفصاليين ، بل وحتى البوليساريو رددت نفس الشيء.
لكن الحقيقة هي أن المخيم هو مخيم صحراويين مغاربة رفعوا شعار الانفصال نكاية في استبداد الملكية وعوض أن يكفرهم الملك كما فعل سلفه مع المحتجين المغاربة في سنوات الثمانينات ، .خونهم صاحب " أكذوبة العهد الجديد" ، وألحقهم بالبوليساريو ، ليحرض عليهم إخوانهم في باقي مناطق المغرب .
إن مغربا بدون ملكية الاستعباد ، وجزائرا بدون جنرالات الدم ،هما مهمة الشعبين المغربي والجزائري ، فمن سيسقط أولا ؟ الملكية المغربية أم النظام العسكري الجزائري؟ . إن كل المؤشرات تؤكد أن الملكية ستسقط أولا بأياد صحراوية وحدوية قد تتحالف ظرفيا مع ما يسمى " انفصاليي الداخل " ، وأن النظام الجزائري سيسقط بأياد إسلامية .
إن المستقبل يكاد ينطق بأن المملكة المغربية قد تتحول في أقرب وقت بسواعد الصحراويين إلى الجمهورية الديمقراطية المغربية ، وأن جزائر الجنرالات ستتحول بعدها بسواعد أبناء عباسي مدني إلى الجمهورية الإسلامية الجزائرية .. إنها دروس التاريخ الذي تتحرك عجلته إلى الأمام ، ولا تخدم دائما من يستمر مدة أطول على كراسي الحكم .

محمد علال الفجري-

عن موقع:
مرايا بريس

No comments:

Post a Comment